للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآية: وَعيدٌ مِن اللَّهِ أنه مَن ارْتَدَّ منكم (١) أنه سيَسْتَبْدِلُ خيرًا منهم (٢).

وأما على قولِ مَن قال: عُنِى بذلك الأنْصارُ. فإن تأويلَه في ذلك نَظيرُ تأويلِ مَن تأَوَّله أنه عُنِى به أبو بكرٍ وأصحابُه.

وأولى الأقوالِ في ذلك عندَنا بالصوابِ ما رُوِى به الخبرُ عن رسولِ اللَّهِ أنهم أهلُ اليمنِ قومُ أبي موسى الأشْعريِّ، ولولا الخبرُ الذي رُوِى في ذلك عن رسولِ اللَّهِ بالخبرِ الذي رُوِى عنه، ما كان القولُ عندى في ذلك إلا قولَ مَن قال: هم أبو بكرٍ وأصحابُه. وذلك أنه لم يُقاتِلْ قومًا كانوا أظْهَروا الإسلامَ على عهدِ رسولِ اللَّهِ، ثم ارْتَدُّوا على أعْقابِهم كُفارًا، غيرُ أبي بكرٍ ومَن كان معَه ممَّن قاتَل أهلَ الرِّدةِ معه بعدَ رسولِ اللَّهِ ، ولكنا ترَكْنا القولَ في ذلك للخبرِ الذي رُوِى فيه عن رسولِ اللَّهِ؛ أن كان مَعْدِنَ (٣) البَيانِ عن تأويلِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِن وحْيِه وآى كتابه.

فإن قال لنا قائلٌ: فإن كان القوم الذين ذكَر اللَّهُ أَنه سَيَأْتِي بهم عندَ ارْتِدادِ مَن ارْتَدَّ عن دينِه ممَّن كان قد أسْلَم على عهدِ رسولِ اللَّهِ هم أهلَ اليمنِ، فهل كان اللَّهِ أهلُ اليمنِ أيامَ قتالِ أبى بكرٍ أهلَ الرِّدَّةِ، أعْوانَ أبي بكرٍ على قتالِهم حتى (٤) تَسْتَجِيزَ أن تُوَجِّهَ تأويلَ الآيةِ إلى ما وَجَّهَت إليه؟ أم لم يَكُونوا أعْوانًا له عليهم، فكيف اسْتَجَزْتَ أن تُوَجِّهَ تأويلَ الآيةِ إلى ذلك، وقد علِمْتَ أنه لا خُلْفَ لوعدِ اللَّهِ؟

قيل له: إن اللَّهَ تعالى ذكرُه لم يَعِدِ المؤمنين أن يُبَدِّلَهم بالمرتدِّين منهم يومَئذٍ


(١) في تفسير ابن أبي حاتم: "منهم".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١١٦٠ (٦٥٣٦) من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس.
(٣) المعدن: مكان كل شيء يكون أصله ومبدؤه. اللسان (ع د ن).
(٤) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.