للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صاحبُكم في عيسى وأمِّه؟ قالوا (١): يقولُ: هو عبد الله وكلمةٌ (٢) من الله ألقاها إلى مريم وروحٌ منه. ويقول في مريم: إنها العذراءُ البتُولُ. قال: فأخذ عودًا من الأرض، فقال: ما زاد عيسى وأمُّه على ما قال صاحبُكم قدر هذا العود. فكره المشركون قولَه، وتَغيَّرت وجوهُهم. قال لهم: هل تعرفون شيئًا مما أُنزل عليكم؟ قالوا: نعم. قال: اقرءوا. فقرءوا، وهنالك منهم قِسِّيسون ورهبانٌ وسائرُ النصارى، فعرفت كلَّ ما قرءوا، وانحدرت دموعُهم مما عرفوا من الحقِّ، قال الله تعالى ذكرُه: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٨٢) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ﴾ الآية (٣).

حدَّثني محمدُ بنُ الحسين، قال: ثنى أحمدُ بنُ مُفضَّلٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ: ﴿وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى﴾ الآية. قال: بعث النجاشيُّ إلى رسول الله اثنى عشَرَ رجلًا من الحبشة؛ سبعةً قسيسين وخمسةً رهبانًا، ينظُرون إليه ويسألونه، فلما لَقُوه فقرأ عليهم ما أنزل الله بَكَوا وآمنوا، فأنزل الله عليه فيهم: ﴿وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٨٢) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ [المائدة: ٨٢، ٨٣]، فآمنوا، ثم رجعوا إلى النجاشيِّ، فهاجر النجاشيُّ معهم، فمات في الطريق، فصلَّى عليه رسولُ الله والمسلمون، واستغْفَروا له (٤).


(١) في م: "قال".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "كلمته".
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١١٨٤ (٦٦٧٧) من طريق عبد الله بن صالح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٣٠٣ إلى ابن مردويه.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١١٨٤ (٦٦٧٥) من طريق أحمد بن المفضل به، إلى قوله: ﴿وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾.