للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولُ مَن قال: مِن أوسطِ ما تُطْعِمون أهليكم في القلةِ والكثرةِ، وذلك أن أحكامَ رسولِ اللهِ في الكفارات كلِّها بذلك ورَدَت، وذلك كحكمِه في كفارةِ الحَلْقِ من الأذَى بفَرَقٍ (١) مِن طعامٍ بينَ ستةِ مَساكينَ، لكلِّ مسكينٍ نصفُ صاعٍ، وكحُكْمِه في كفارةِ الوطْءِ في شهرِ رمضانَ بخمسةَ عشَرَ صاعًا بينَ ستين مسكينًا، لكلِّ مسكينٍ رُبُع صاعٍ (٢)، ولا يُعْرَفُ له شيءٌ مِن الكفاراتِ أمَر بإطعامِ خبزٍ وإدامٍ، ولا بغَداءٍ وعَشاءٍ.

فإذ كان ذلك كذلك، وكانت كفارةُ اليمينِ إحدى الكفاراتِ التي تَلْزَمُ مَن لَزِمَتُه، كان سبيلُها سبيلَ ما تولَّى الحكمَ فيه ، من أن الواجبَ على مكفِّرِها من الطعامِ، مُقدَّرًا (٣) للمساكينِ العشرةِ، محدودًا (٤) بكيلٍ، دونَ جمعِهم على غَدَاءٍ أو عَشَاءٍ مَخْبوزٍ مَأْدومٍ؛ إذ كانت سنتُه في سائرِ الكفاراتِ كذلك.

فإذ كان صحيحًا ما قلنا، مما به اسْتَشْهَدْنا، فبيِّنٌ أن تأويلَ الكلامِ: ولكن يُؤَاخِذُكم بما عقدْتُم الأيمانَ، فكفارتُه إطعامٌ عشرةِ مَساكينَ من أعدلِ إطعامِكم أهليكم. وأن "ما" التي في قولِه: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾. بمعنى المصدرِ، لا بمعنى الأسماءِ.

وإذا كان ذلك كذلك، فأعْدَلُ أقواتِ الموسِعِ على أهلِه مُدَّان، وذلك نصفُ صاعٍ، في رُبُعِه إدامُه، وذلك أعلى ما حكَم به النبيُّ في كفارةٍ في إطعامِ


= ٢/ ٣١٢ إلى عبد بن حميد.
(١) الفرق: مكيال يسع ستة عشر رطلا، وهى اثنا عشر مدا، أو ثلاثة آصع عند أهل الحجاز. النهاية ٣/ ٤٣٧.
(٢) أخرجه أحمد ١١/ ٥٣٢ (٦٩٤٤)، والدارقطني ٢/ ١٩٠، والبيهقى ٤/ ٢٢٦ من حديث أبي هريرة.
(٣) في م: "مقدار".
(٤) في م: "محدود".