للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخلافَ صفتِه فيُهْدِيَه، أم لا يجوزُ ذلك له وهو لا يجدُ إلا خلافَه؟ فإن زعَم أنه لا يجوزُ له أن يشترىَ بقيمتهِ إلا مثلَه، تُرِك قولُه في ذلك؛ لأن أهلَ هذه المقالِة يزعُمون أنه لا يجوزُ له أن يشترىَ بقيمةِ (١) ذلك فيُهديُه إلا ما يجوزُ في الضحايا. وإذا أجازوا شراءَ (٢) مثلِ المقتولِ من الصيدِ بقيمته وإهداءَها، وقد يكونُ المقتولُ صغيرًا أو معيبًا (٣)، أجاز (٤) في الهَدْيِ ما لا يجوزُ في الأضاحي. وإن زعم أنه لا يجوزُ أن يشترىَ بقيمتهِ فيُهديه إلا ما يجوزُ في الضحايا - أَوْضَح بذلك من قولِه الخلافَ لظاهرِ التنزيلِ؛ وذلك أن الله تعالى أَوْجَب على قاتلِ الصيدِ من المُحْرمين عمدًا المثلَ من النَّعَمِ، إذا وجَده؛ وقد زعَم قائلُ هذه المقالِة أنه لا يجبُ عليه المثلُ من النَّعَمِ وهو إلى ذلك واجدٌ سبيلًا.

ويقالُ لقائلِ ذلك: أرأيتَ إن قال قائلٌ آخرُ: ما على قاتلِ ما لا تبلُغُ من الصيدِ قيمتُه ما يصابُ به من النَّعَمِ ما يجوزُ في الأضاحي، من إطعامٍ ولا صيامٍ؛ لأن الله تعالى إنما خيَّر قاتلِ الصيدِ من المُحْرمين في (٥) أحدِ الثلاثةِ الأشياءِ التي سمَّاها في كتابِه، فإذا لم يكنْ له إلى واحدٍ من ذلك سبيلٌ، سقَط عنه فرضُ الآخرَين؛ لأن الخيارَ إنما كان له وله إلى الثلاثةِ سبيلٍ، فإذا لم يكنْ له إلى بعضِ ذلك سبيلٌ، بطَل فرضُ الجزاءِ عنه؛ لأنه ليس ممن عُنِى بالآيةِ. نظيرَ الذي قلتَ أنتَ: إنه إذا لم يكنِ المقتولُ من الصيدِ تبلغ قيمته ما يصاب من النعمِ ما (٦) يجوزُ في الضحايا،


(١) في م، س: "بقيمته".
(٢) في م: "شرى"، وفى ت ١: "سوى"، وفى س: "ستوى".
(٣) سقط من: ت ١، ت ٢، ت ٣، س، وفى م: "معيبا".
(٤) في م: "أجازوا".
(٥) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بين".
(٦) في م: "مما".