للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى ناقتك فانحرها، فلعلَّ (١) ذاك. قال قبيصةُ: ولا أذكرُ الآيةَ من سورةِ "المائدة": ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾. قال: فبلَغ عمرَ مقالتي، فلم يَفْجَأنا منه إلا ومعه الدِّرَّةُ. قال: فعلا صاحبي ضربًا بالدِّرَّةِ، وجعَل يقولُ: أقتلتَ في الحرَمِ، وسفَّهتَ الحكمَ؟ قال: ثم أَقْبَل عليَّ، فقلتُ: يا أمير المؤمنين، لا أُحِلُّ لك اليومَ شيئًا يحرُمُ عليك منى. قال: يا قَبيصةُ بنُ جابرٍ، إنى أراك شابَّ السنِّ، فسيحَ الصدرِ، بَيِّنَ اللسانِ، وإن الشابَّ يكونُ فيه تسعةُ أخلاقٍ حسنةٌ، وخلقٌ سيِّيءٌ، فيُفْسِدُ الخلقُ السيِّئُ الأخلاقَ الحسنةَ، فإياك وعثراتِ الشبابِ (٢).

حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا ابن عُيينةَ، عن مخارقٍ، عن طارقٍ، قال: أَوْطَأَ أَرْبدُ ضبًّا، فقتَله وهو مُحْرِمٌ، فأتى عمرَ ليحكُمَ عليه، فقال له عمرُ: احكُمْ معى. فحكَما فيه جَدْيًا قد جمَع الماءَ والشجرَ (٣). ثم قال عمرُ: ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ (٤).

حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: ثنا جامعُ بنُ حمادٍ، قال: ثنا يزيدُ بنُ زُريعٍ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، قال: ذُكِر لنا أن رجلًا أصاب صيدًا، فأتى ابنَ عمرَ فسأله عن ذلك، وعندَه عبدُ اللهِ بن صفوانَ، فقال ابنُ عمرَ لابنِ صفوانَ: إما أن أقولَ فتصدِّقَني، وإما أن تقولَ فأُصدِّقَك. فقال ابن صفوانَ: بل أنت فقلْ. فقال ابن


(١) في م، وتفسير ابن أبي حاتم، ونسخ من تفسير ابن كثير ٣/ ١٨٥: "ففعل" وفي نسخة منه كالمثبت، والمراد: فلعل ذلك أن يجزئ عنك.
(٢) تقدم تخريجه في ص ٦٨٤.
(٣) جمع الماء والشجر: فصل عن أمه، وصار يأكل من نبات الأرض، ويشرب. نقلا عن حاشية ترتيب مسند الشافعي ١/ ٢٣٢، وقال نحوه الشيخ شاكر.
(٤) أخرجه الشافعي في الأم ١٩٤٢، وعبد الرزاق (٨٢٢١، ٨٤٢٠)، والبيهقى ٥/ ١٨٢، ١٨٥ من طريق ابن عيينة به، وأخرجه ابن أبي شيبة ٤/ ٧٦ من طريق مخارق به.
وأخرجه عبد الرزاق (٨٢٢٠) من طريق آخر عن طارق به بنحوه، وفيه زيادة، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٣٢٩ إلى ابن المنذر.