للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُطْعِمَ إن كفَّر بالإطعامِ فَرَقًا من طعامٍ، وذلك ثلاثةُ آصُعٍ بينَ ستةِ مساكينَ، فإن كفَّر بالصيامِ، أن يصومَ ثلاثةَ أيامٍ، فجعَل الأيامَ الثلاثةَ في الصومِ عَدْلًا من إطعامِ ثلاثةِ آصعٍ، فإن ذلك بالكفَّارةِ في جزاءِ الصيدِ، أشبَهُ من الكفَّارةِ في قتلِ الصيدِ بكفَّارةِ المُواقِعِ امرأتَه في شهرِ رمضانَ (١).

قيل: إن القياسَ إنما هو ردُّ الفروعِ المختلَفِ فيها إلى نظائرِها من الأصولِ المُجْمَعِ عليها، ولا خلافَ بينَ الجميعِ من الحُجَّةِ أَنه لا يُجْزِئُ مكفِّرًا كَفَّر في قتلِ الصيدِ بالصومِ، أن يَعْدِلَ صومَ يومٍ بصاعِ طعامٍ. فإن كان ذلك كذلك، وكان غيرَ جائزٍ خلافُها فيما حَدَّثَتْ (١) به من الدينِ مُجْمِعةً عليه، صحَّ بذلك أن حكمَ مُعادلةِ الصومِ الطعامَ في قتلِ الصيدِ مخالفٌ حكمَ معادلتِه إيَّاه في كفَّارةِ الحلقِ، إذ كان غيرَ جائزٍ [رَدُّ أصلٍ] (٢) على آخرَ قياسًا، وإنما يجوزُ أن يُقَاسَ الفرعُ على الأصلِ، وسواءٌ قال قائلٌ: هلَّا رددتَ حكمَ الصومِ في كفَّارةِ قتلِ الصيدِ على حكمِه في حَلْقِ الأذى، فيما يُعْدَلُ به من الطعامِ. وآخرُ قال: هلَّا رددتَ حكمَ الصومِ في الحلقِ على حكمِه في كفَّارةِ قتلِ الصيدِ فيما يُعْدَلُ به من الطعامِ، فتُوجبَ عليه مكانَ كلِّ مدٍّ أو مكانَ كلَّ نصفِ صاعٍ صومَ يومٍ.

وقد بيَّنا فيما مضى قبلُ أن "العَدْلَ" في كلامِ العرب بالفتحِ، هو قَدْرُ الشيءِ من غيرِ جنسِه، وأن "العِدْلَ" هو قَدْرُه من جنسِه (٣).

وقد كان بعضُ أهلِ العلمِ بكلامِ العربِ يقولُ: العَدْلُ مصدرٌ من قولِ القائلِ:


(١) في النسخ: "حدث". والمثبت هو الصواب.
(٢) في النسخ: "وداخل". والصواب ما أُثْبِتَ، وسياق الكلام يدل عليه.
(٣) ينظر ما في (١/ ٦٣٩).