للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أتأمَنُ أن تكونَ أمُّك قارفت ما قارف أهلُ الجاهليةِ فتفضَحَها على رءوسِ الناسِ! فقال: واللهِ لو أَلْحَقنى بعبدٍ أسودَ للحِقتُه (١).

حدَّثني محمدُ بنُ الحسينُ، قال: ثنا أحمدُ بنُ مفضَّلٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّديِّ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾. قال: غضب رسولُ اللهِ يومًا من الأيامِ، فقام خطيبًا، فقال: "سَلوني فإنكم لا تَسْألوني عن شيءٍ إِلَّا أَنْبَأتُكم به". فقام إليه رجلٌ من قريشٍ من بنى سَهْمٍ، يقالُ له: عبدُ اللهِ بنُ حُذافةَ. وكان يُطْعَنُ فيه، قال: فقال: يا رسولَ اللهِ، مَن أبي؟ قال: "أبوك فُلانٌ". فدعاه لأبيه، فقام إليه عمرُ، فقبَّل رجلَه، وقال: يا رسولَ اللهِ، رضِينا باللهِ ربًّا، وبك نبيًّا، وبالإسلامِ دينًا، وبالقرآنِ إمامًا، فاعفُ عنَّا عفا اللهُ عنك. فلم يَزَلْ به حتى رضِى، فيومَئذٍ قال: "الولد للفراشِ، وللعاهرِ الحَجَرُ" (٢).

حدَّثني الحارثُ، قال: ثنا عبدُ العزيزِ، قال: ثنا قيسٌ، عن أبي حَصينٍ، عن أبي صالحٍ، عن أبي هُريرةَ، قال: خرَج رسولُ اللهِ وهو غَضْبانُ محمارٌّ وجهُه، حتى جلَس على المنبرِ، فقام إليه رجلٌ، فقال: أين أبي (٣)؟ قال: "في النارِ". فقام آخرُ فقال: مَن أبى؟ قال: "أبوك حُذَافَةُ". فقام عمرُ بنُ الخطابِ، فقال: رضِينا باللهِ ربًّا، وبالإسلامِ دينًا، وبمحمدٍ نبيًّا، وبالقرآنِ إمامًا، إِنَّا يا رسولَ اللهِ حديثُو عهدٍ بجاهليةٍ وشركٍ، واللهُ يعلَمُ مَن آباؤنا. قال: فسكَن غضبُه، ونزلتْ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ (٤).


(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ١٩٦، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أم عبد الله.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٢١٩ (٦٨٨٢) من طريق أحمد بن مفضل به.
(٣) في ص، ت ١، س: "أنا" وانظر مصادر التخريج الآتية بعد.
(٤) أخرجه الطحاوي في شرح المشكل (١٤٧٥) من طريق الفريابي، عن قيس به، وذكره ابن كثير في تفسيره ٣/ ١٩٩ عن المصنف، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٣٣٥ إلى الفريابي وابن مردويه.