للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عامٍ؟ قال؟ قال فعَلِقَ (١) كلامُ رسولِ اللهِ ، وأَسْكَت (٢)، واسْتَغْضَب (٣)، فمكَث طويلًا، ثم تكلَّم، فقال: "مَن السائلُ؟ ". فقال الأعرابيُّ: أنا ذا. فقال: "وَيُحَك ماذا يُؤْمِنُك أن أقولَ: نَعَمْ. ولو قلتُ: نَعَمْ. لوجبتْ، ولو وجَبتْ لكفَرْتُم، ألَا إنه إنما أَهْلَك الذين قبلَكم أئمةُ الحَرَجِ، واللهِ لو أنى أحلَلْتُ لكم جميعَ ما في الأرضِ، وحَرَّمتُ عليكم منها موضِعَ خُفٍّ لوقَعتم فيه". قال: فأَنْزَلَ اللهُ تعالى ذكرُه عندَ ذلك: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ﴾ إلى آخرِ الآيةِ (٤).

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾: وذلك أن رسولَ اللهِ أَذَّن في الناسِ، فقال: "يا قومِ، كُتِب عليكم الحجُّ". فقام رجلٌ من بني أسدٍ فقال: يا رسولَ اللهِ، أفي كلِّ عامٍ؟ فَأُغْضِب رسولُ اللهِ غضبًا شديدًا، فقال: "والذي نفسُ محمدٍ بيدِه لو قلتُ: نعم. لوجَبتْ، ولو وجبَتْ ما استطعتُم، وإذَنْ لكفرتم، فاتركُونى ما ترَكتُكم، فإذا أمَرتُكم بشيءٍ فافعَلوا، وإذا نهيتُكم عن شيءٍ فانتهُوا عنه". فأَنْزَل اللهُ تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾. نهاهم أن يَسْأَلوا عن مثلِ الذي


(١) في م: "فعلا". وفى باقى النسخ: "فعلن" غير منقوطة. والمثبت موافق لما في مصادر التخريج وفي الدر المنثور "فسكت طويلا" قال شمر: يقال لكل شيء نشب في شيء فلزمه: قد غلق، غلق في الباطل، وغلق في البيع فاستغلق. واستغلق الرجل إذا أرتج عليه فلم يتكلم. لسان العرب (غ ل ق).
(٢) بعده في م: "وأغضب". وقوله: أسكت. يقال: تكلم الرجل ثم سكت بغير ألف، فإذا انقطع كلامه فلم يتكلم قيل: أسكت. النهاية ٢/ ٣٨٣.
(٣) كذا ضبطت في "ص"، والنهاية ٢/ ٣٨٣، واللسان (س ك ت)، وذكر الشيخ شاكر أن أصحاب اللغة لم يذكروه، وتضبط أيضا: "استُغضب".
(٤) أخرجه الطبراني (٧٦٧١) من طريق أبي زيد، به وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٣٣٥ إلى ابن مردويه.