للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السُّديِّ: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ﴾: فالبحيرةُ من الإبلِ: كانت الناقةُ إذا نُتِجت خمسةَ أبطنٍ، إن كان الخامسُ سَقْبًا ذبَحوه، فَأَهْدَوه إلى آلهتِهم، وكانت أمُّه مِن عُرْضِ الإبلِ، وإن كانت رُبَعَةً (١) اسْتَحْيَوْها، وسُقُوا أُذُنَ أمِّها، وجزُّوا وبَرَها، وخلَّوْها (٢) في البطحاءِ، فلم تَجُزْ لهم في دِيةٍ، ولم يَحْلِبوا (٣) لها لبنًا، ولم يجزُّوا لها وبَرًا، ولم يحمِلوا على ظهرِها، وهى من الأنعامِ التي حُرِّمت ظهورُها. وأما السائبةُ: فهو الرجلُ يُسيِّبُ من مالِه ما شاء على وجهِ الشكرِ، إن كثُر مالُه، أو برَأ من وجعٍ، أو ركِب ناقةً فأَنْجَح، فإنه يسمَّى السائبةَ، يُرْسِلُها فلا يعرِضُ لها أحدٌ من العربِ إلا أصابتْه عقوبةٌ في الدنيا. وأما الوصيلةُ فمِن الغنمِ هي الشاةُ إذا ولَدت ثلاثةَ أبطنٍ أو خمسةً، فكان آخرُ ذلك جَدْيًا، ذبَحوه وأَهْدَوه لبيتِ الآلهةِ، وإن كانت عَنَاقًا (٤) اسْتَحْيَوها، وإن كانت جَدْيًا وعَنَاقًا اسْتَحْيَوا الجَدْيَ من أجلِ العَناقِ، فإنها وصيلةٌ وصَلتْ أخاها. وأما الحامِ فالفحلُ يَضْرِبُ في الإبلِ عشْرَ سنينَ، ويقالُ: إذا ضرَب ولدُ ولدِه، قيل: قد حَمَى ظهرَه. فيترُكونه لا يُمسُّ، ولا يُنْحَرُ أبدًا، ولا يُمْنَعُ من كلأٍ يريدُه، وهو من الأنعامِ التي حُرِّمتْ ظهورُها (٥).

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الزهريِّ، عن ابن المسيَّبِ في قولِه: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ﴾. قال: البحيرةُ من الإبلِ: التي يُمْنَعُ دَرُّها للطواغيتِ، والسائبةُ من الإبلِ: كانوا يسيِّبونها لطواغيتِهم، والوصيلةُ من الإبلِ: كانت الناقةُ تبتَكِرُ (٦)


(١) الربعة مؤنث الرُّبَع وهو ما ولد من الإبل في الربيع. وقيل: ما ولد في أول النتاج. النهاية ٢/ ١٨٨، ١٨٩.
(٢) في ص، ت ١: "حلبوها".
(٣) في م: "يجلبوا".
(٤) العناق: الأنثى من أولاد المعز ما لم يتم له سنة. النهاية ٣/ ٣١١.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٢٢٠ (٦٨٨٨) من طريق أحمد بن مفضل به.
(٦) في م، ت ٢ ت ٣ س: "تبكر".