الأنعامِ، فيُهْمَلُ في الحِمَى فلا يُنتفَعُ بظهرِه ولا بولدِه ولا بلبنِه، ولا بشعرِه ولا بصوفِه. وأما الوصيلةُ فكانت الشاةُ إذا ولَدت سبعةَ أبطنٍ ذبَحوا السابعَ إذا كان جَدْيًا، وإن كان عَنَاقًا اسْتَحْيَوه، وإن كان جَدْيًا وعَناقًا اسْتَحْيَوهما كليهما، وقالوا: إن الجَدْىَ وصَلتْه أختُه، فحرَّمتْه علينا. وأما الحامِي فالفحلُ إذا ركِبوا أولادَ ولدِه، قالوا: قد حمى هذا ظهرَه، وأحرَزَهُ (١) أولادُ ولدِه، فلا يركَبونه، ولا يمنَعونه من حِمَى شجرٍ، ولا حوضٍ ما شرَع فيه، وإن لم يكنِ الحوضُ لصاحبِه، وكانت من إبلِهم طائفةٌ لا يذكُرون اسمَ الله عليها في شيءٍ من شأنِهم، لا إن ركِبوا، ولا إن حمَلوا، ولا إن حلَبوا، ولا إن نَتَجوا، ولا إن باعوا، ففى ذلك أَنْزَل اللَّهُ تعالى: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ﴾. إلى قولِه ﴿وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾.
حدثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ﴾. قال: هذا شيءٌ كان يعملُ به أهلُ الجاهليةِ، وقد ذهَب. قال: البحيرةُ: كان الرجلُ يَجْدَعُ أُذْنَيْ ناقتِه، ثم يُعْتِقُها، كما يُعْتِقُ جاريته وغلامه، لا تُحْلَبُ، ولا تُرْكَبُ. والسائبةُ: يسيِّبُها بغيرِ تجديعٍ. والحامِ: إذا نُتِج له سبعُ إناثٍ متوالياتٌ، قد حَمَى ظهرَه، ولا يُرْكَبُ، ولا يُعْمَلُ عليه. والوصيلةُ من الغنمِ: إذا ولَدت سبعَ إناثٍ متوالياتٍ حَمَت لحمَها أن يؤكلَ.
حدَّثنا يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ يوسفَ، قال: ثنا الليثُ بنُ سعدٍ، قال ثنى ابن الهادِ، عن ابن شهابٍ، قال: قال سعيدُ بنُ المسيَّبِ: السائبةُ: التي كانت تسيَّبُ، فلا يُحْمَلُ عليها شيء. والبحيرةُ: التي يُمنعُ دَرُّها للطواغيتِ، فلا يحلِبُها أحدٌ. والوصيلةُ: الناقةُ البِكْرُ، تَبكُرُ أولَ نتاج الإبل بأنثى،
(١) في م: "أحرز". ومعنى: أحرزه أولاد ولده: حفظوه وصانوه. ينظر اللسان (ح ر ز).