للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إعْرابَها، كما قال حسانُ بنُ ثابتٍ (١):

[وكفى] (٢) بنا فضلًا على مَن غيرِنا … حبُّ النبيِّ محمدٍ إيانا

فعُرِّب "غير" (٣) بإعرإب "مَن"، والعربُ تفعلُ ذلك خاصةً في "مَن" و"ما"؛ تُعَرِّبُ صِلاتِهما (٤) بإعرابِهمَا؛ لأنهما يكونان معرِفةً أحيانا ونكرةً أحيانًا.

وأما الوجهُ الآخرُ: فأن يكونَ معنى الكلام: إن اللهَ لا يستحيي أن يضربَ مثلًا ما بينَ بعوضةٍ إلى ما فوقَها. ثم حذَف ذِكْرَ "بينَ" و"إلى"؛ إذْ كان في نصبِ "البعوضة" ودخولِ الفاءِ في ﴿مَا﴾ الثانيةِ دَلالةٌ عليهما، كما قالتِ العربُ: مُطِرْنا ما زُبالةَ فالثَّعْلَبِيَّةَ (٥). و: له عشرون ما (٦) ناقةً فجَملًا. و: هي أحسنُ الناسِ ما قرنًا فقدمًا. يعنون بذلك: [ما بيْنَ] (٧)


(١) ليس في ديوان حسان، وقد أورده المصنف في تفسير الآية ١٥٩ من سورة آل عمران غير منسوب، ونسبه في الكتاب ٢/ ١٠٥ إلى الأنصاري بدون تحديد، ونسبه في خزانه الأدب إلى كعب بن مالك قال: ونسب إلى حسان بن ثابت أيضًا، ولم يوجد في شعره. قال اللخمي في شرح شواهد الجمل: وقيل: هو لعبد الله بن رواحة الأنصاري. وقيل: لبشير بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك. الخزانة ٦/ ١٢٢.
(٢) في الأصل، ر: "لكفى"، وفي ص: " أكفا".
(٣) في الأصل: "غيرنا".
(٤) في الأصل: "صلاتها".
(٥) المعنى إذا قلت: مُطِرْنا بين زبالة فالثعلبية. أنك أردت أن المطر انتظم الأماكن التي ما بين القريتين، وإذا قلت: مطِرنا ما بين زبالة فالثعلبية. فإنك تريد أن المطر وقع بينهما، ولم ترد أنه اتصل في هذه الأماكن كلها. والعرب إذا ألقت "بين" من كلام تصلح "إلى" في آخره، نصبوا الحرفين المخفوضين اللذين خفض أحدهما بـ "بين" والآخر بـ "إلى"، فيقولون: مطرنا ما زبالة فالثعلبية. ينظر معاني القرآن للفراء ١/ ٢٢، وخزانة الأدب ١١/ ١٠، ١١، ١٣، ١٦، ٢٠.
وزبالة بضم أوله؛ منزل معروف بطريق مكة من الكوفة. والثعلبية ماء لبني أسد، وهي من أعمال المدينة منسوبة إلى ثعلبة بن مالك. معجم ما استعجم ١/ ٣٤١، ومعجم البلدان ٢/ ٩١٢.
(٦) سقط من: ص.
(٧) في ص: "من".