للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به فوقَ الذي وصفتَ في الشحِّ واللؤمِ.

وهذا قولٌ خلافُ تأويلِ أهلِ العلمِ الذين تُرتضَى معرفتُهم بتأويلِ القرآنِ، فقد تَبيَّنَ إذن بما وصفْنا أن معنى الكلامِ: إن اللهَ لا يستحيي أن يصِفَ شبهًا لما شَبَّه به الذي هو ما بينَ بعوضةٍ إلى ما فوقَ "البعوضةِ". فأما تأويلُ الكلامِ لو رُفعتِ "البعوضة"، فغيرُ جائزٍ في ﴿مَا﴾، إلا ما قلنا من أن تكونَ (١) اسمًا لا صلةً، بمعنى التطولِ (٢).

القولُ في تأويلِ قولِ اللهِ جلّ ثناؤُه: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَذَا مَثَلًا﴾.

يعني بقولِه جلّ ذكرُه: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا﴾: فأما الذين صدَّقوا اللهَ ورسولَه.

وقولُه: ﴿فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ﴾. يعني: فيعرِفونَ أن المثَلَ الذي ضرَبه اللهُ لما ضرَبه له مثلًا (٣) مَثلٌ.

كما حدَّثني المُثَنَّى بنُ إبراهيمَ، قال: حدَّثنا إسحاقُ بنُ الحجاجِ، قال: حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ بنِ أنسٍ: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ أي: هذا المثَلُ الحقُّ من ربِّهم، وأنه كلامُ اللهِ ومِنْ عندِ اللهِ (٤).

وكما حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: حدَّثنا يزيدُ بنُ زُريعٍ، قال: حَدَّثنا سعيدٌ،


(١) في ص، ت ١، ت ٢: "يكون".
(٢) في الأصل، ر: "البطول".
(٣) سقط من: ص، ر، م، ت ١، ت ٢.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٦٩ عقب الأثر (٢٧٧) من طريق ابن أبي جعفر به. وينظر تفسير ابن أبي حاتم ١/ ٦٩ (٢٧٥)، والدر المنثور ١/ ٤٢