للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بذاتِ لَوْثٍ (١) عَفَرْنَاةٍ (٢) إذا عثَرَتْ … فالتَّعْسُ (٣) أدْنى لها مِن أن أقولَ لَعَا (٤)

يعنى بقولِه: عثَرَت: أصاب مَنْسِمُ (٥) خُفِّها حجرًا (٦) أو غيرَه. ثم يُسْتَعْمَلُ ذلك في كلِّ واقعٍ على شيءٍ كان عنه خفيًّا، كقولِهم: عثَرَتْ على الغَزْلِ بأَخَرَةٍ، فلم تَدَعْ بِنَجْدٍ قَرَدَةً (٧). بمعنى: وقَعَت.

وأما قولُه: ﴿عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا﴾. فإنه يقولُ تعالى ذكرُه: فإن اطُّلِع مِن الوصِيَّيْن اللذين ذكَر اللهُ أَمْرَهما في هذه الآيةِ بعدَ حلِفِهما باللَّهِ: لا نَشْتَرِى بأيمانِنا ثمنًا ولو كان ذا قربى، ولا نَكْتُمُ شهادةَ اللهِ - ﴿عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا﴾. يقولُ: على أنهما اسْتَوْجَبا بأيمانِهما التي حلَفا بها إثمًا، وذلك أن يُطَّلَعَ على أنهما كانا كاذِبَيْن في أيمانِهما باللَّهِ: ما خُنَّا، ولا بدَّلْنا، ولا غيَّرْنا. فإن وُجِدا قد خانا مِن مالِ الميتِ شيئًا، أو غيَّرا وصيتَه، أو بَدَّلا، فأثِما بذلك من حلِفِهما (٨) بربِّهما، ﴿فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا﴾. يقولُ: يقومُ حينَئذٍ مَقامَهما مِن ورثةِ الميتِ الأَوْلَيان (٩) الموصَى إليهما.


(١) اللوث: القوة. اللسان (ل و ث).
(٢) عفرناة: قوية. اللسان (ع ف ر).
(٣) التعس: ألا ينتعش العاثر من عثرته، وأن ينكس في سفال. اللسان (ت ع س).
(٤) لعًا: كلمة يدعى بها للعاثر، معناها الارتفاع. اللسان (ل ع و).
(٥) في م: "الميسم". والمنسم: طرف خُفّ البعير اللسان (ن س م).
(٦) في م: "حجر".
(٧) القرد: ما تمعَّط من الإبل والغنم من الوبر والصوف والشعر.
قال الأصمعي: أصله أن تدع المرأة الغزل وهى تجد ما تغزله من قطن أو غيره، حتى إذا فاتها تتبعت القرد في القمامات، فتلقطها فتغزلها. وهو مثل يضرب لمن ترك الحاجة وهى ممكنة، ثم جاء يطلبها بعد الفوت. ينظر مجمع الأمثال للميداني ٢/ ٣٢١.
(٨) في ص: "بأمرهما"، وفي ت ١: "أمرهما".
(٩) في ص، ت ١: "وأولياء".