للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ﴾. قال: زعَما أنهما (١) أوْصَى لهما بكذا وكذا، ﴿فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا﴾: أي بدَعواهما لأنفسِهما، ﴿فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ﴾: إن صاحبَنا لم يُوصِ إليكما بشيءٍ مما تقولان.

والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندَنا أن الشاهدَيْن أُلْزِما اليمينَ في ذلك باتهامِ ورثةِ الميتِ إياهما فيما دفَع إليهما الميتُ مِن مالِه، ودَعواهم قِبَلَهما خيانةَ مالٍ معلومِ المبلغِ، ونُقِلَت بعدُ إلى الورثةِ عندِ ظهورِ الرِّيبةِ التي كانت مِن الورثةِ فيهما، وصحةِ التهمةِ عليهما، بشهادةِ شاهدٍ عليهما أو على أحدِهما، فيَحْلِفُ الوارثُ حينَئذٍ مع شهادةِ الشاهدِ عليهما أو على أحدِهما، إنما صحَّح دَعْواه إذ حُقِّق حقُّه، أو لإقرارٍ (٢) يَكونُ من الشهودِ ببعضِ ما ادَّعَى عليهما الوارثُ أو بجميعِه، ثم دَعْواهما في الذي أقَرَّا به مِن مالِ الميتِ ما لا يُقْبَلُ فيه دَعْواهما إلا ببينةٍ، ثم لا يَكونُ لهما على دعواهما تلك بينةٌ، فيُنْقَلُ حينَئذٍ اليمينُ إلى أولياءِ الميتِ.

وإنما قلنا: ذلك أولى الأقوالِ في ذلك بالصحةِ؛ لأنا لا نَعْلَمُ مِن أحكامِ الإسلامِ حكمًا يَجِبُ فيه اليمينُ على الشهودِ، ارْتيب بشهادتِهما أو لم يُرْتَبْ بها، فيَكونَ الحكمُ في هذه الشهادةِ نظيرًا لذلك، [ولا - إذْ لم] (٣) نَجِدْ ذلك كذلك - صحَّ بخبرٍ عن الرسولِ ، ولا بإجماعٍ من الأمةِ؛ لأن اسْتِحْلافَ الشهودِ في هذا الموضعِ من حكمِ اللهِ تعالى ذكرُه، فيكونُ أصلًا مُسَلَّمًا، والمَقولُ إِذا خرَج مِن أَن يَكونَ أصلًا أو نظيرًا لأصلِ فيما تَنازَعَت فيه الأمةُ، كان واضحًا فسادُه.

وإذا فسَد هذا القولُ بما ذكَرْنا، فالقولُ بأن الشاهدَيْن اسْتُحْلِفا مِن أجلِ أنهما


(١) في م: "أنه".
(٢) في م: "الإقرار".
(٣) في م: "ولم".