للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ﴾ إلى قوله: ﴿فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ مِن خبرِ الله ﷿ عن عيسى أنه قاله في الدنيا بعد أن رفعه إليه، وأن ما بعد ذلك من كلامِ الله لعباده يومَ القيامةِ.

وأما النصبُ في ذلك فإنه يَتَوَجَّهُ مِن وجهين:

أحدُهما: أن إضافة "يوم" ما لم تَكُنْ إلى اسمٍ تَجْعَلُه نصبًا؛ لأن الإضافة غيرُ مَحْضةٍ، وإنما تكونُ الإضافةُ مَحْضةً إذا أُضيف إلى اسمٍ صحيحٍ، ونظيرُ "اليوم" في ذلك: "الحينُ" و "الزمانُ" وما أشبَهَهما مِن الأزمنة، كما قال النابغةُ (١):

على حين عاتبتُ المَشِيبَ على الصِّبا … وقلتُ ألَمَّا تَصْحُ والشَّيْبُ وازِعُ

والوجه الآخرُ: أن يكونَ مُرادًا بالكلام: هذا الأمرُ وهذا الشأنُ يومَ يَنْفَعُ الصادِقِين. فيكونَ "اليومُ" حينئذٍ منصوبًا على الوقت والصفة، بمعنى: هذا الأمرُ في يوم يَنْفَعُ الصادقين صدقُهم.

وأولى القراءتين في ذلك عندى بالصواب (٢): (هذا يومَ يَنْفَعُ الصادقين).

بنصب "اليوم" على أنه منصوبٌ على الوقت والصفة؛ لأن معنى الكلام أن الله تعالى أجاب عيسى حين قال: ﴿سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ﴾ إلى قوله: ﴿فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾. فقال له ﷿: هذا القولُ النافعُ، أو هذا الصدقُ النافعُ يومَ يَنْفَعُ الصادقين صدقُهم. فـ "اليوم" وقتُ القول والصدق النافع.


(١) ديوانه ص ٤٤.
(٢) القراءتان كلتاهما صواب.