للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أسْباط، عن السديِّ: ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾. قال: الظلماتُ ظلمة الليل، والنور نور النهار (١).

حدَّثنا بشرٌ بن معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ بنُ زُرَيْعٍ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قَتادةَ: أما قوله: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾. فإنه خلق السماوات قبل الأرض، والظلمة قبل النور، والجنة قبل النار (٢).

فإن قال قائلٌ: فما معنى قوله إذن: ﴿جَعَلَ﴾؟

قيل: إن العربَ تَجْعَلُها ظرفًا للخبرِ والفِعْل، فتقولُ: جَعَلْتُ أَفْعَلُ كذا، وجَعَلْتُ أَقومُ وأَقْعُدُ. تَدلُّ بقولِها: جَعَلْتُ على اتصال الفعل، كما تقولُ: علِقْتُ (٣) أَفْعَلُ كذا. لا أنها في نفسها فِعْلٌ، يَدُلُّ على ذلك قول القائل: جعَلْتُ أقومُ (٤). وأنه لا جَعْل هناك سوى القيام (٥)، وإنما دلَّ بقولِه: جَعَلْتُ. على اتصالِ الفعلِ ودوامِه، ومن ذلك قولُ الشاعر:

وزعَمْتَ أنك سوف تَسْلُكُ فاردا (٦) … والموتُ مُكْتَنِعٌ (٧) طَريقَى قادِرِ


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٢٥٩، ١٢٦٠ (٧٠٨٢، ٧٠٨٥) من طريق أحمد.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٢٥٩ (٧٠٧٩، ٧٠٨٣) من طريق يزيد، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٤ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وأبى الشيخ.
(٣) في س: "عقلت". وعلق فلان يفعل كذا ظل، كقولك: طفق يفعل كذا. اللسان (ع ل ق).
(٤) بعده في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "وأقوم"
(٥) بعده في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "والقيام".
(٦) في م: "قادرا". وفاردا: منفردا.
(٧) في م: "متسع". واكتنع الشيء: حضر، وكنع الموت واكتنع: دنا وقرب. اللسان (ك ن ع). وينظر تعليق الشيخ شاكر على هذا البيت.