للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بقولِه: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ﴾ [الأعراف: ١٦٩].

وأما قولُه: ﴿مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ﴾. فإنه يَعني: من بعدِ توثُّقِ اللهِ منه (١) بأخذِ (٢) عهودِه بالوفاءِ له بما عهِد إليه في ذلك، غيرَ أن التوثُّقَ مصدرٌ من قولِك: توثَّقتُ من فلانٍ توثُّقًا. والميثاقُ اسمٌ منه، والهاءُ في "الميثاق" عائدةٌ على اسمِ "الله" جلَّ ذِكْرُه. وقد يدخُلُ في حكمِ هذه الآيةِ كلُّ من كان بالصفةِ التي وصَف اللهُ بها هؤلاء الفاسقين من المنافقين والكفارِ في نقضِ العهدِ، وقطْعِ الرحمِ، والإفسادِ في الأرضِ.

كما حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: حدَّثنا يزيدُ، قال: حدَّثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ﴾: فإياكُم ونقضَ هذا الميثاقِ، [فإن اللهَ قد كرِه نقْضَه وأوْعَد فيه، وقدَّم فيه في آيٍ مِن (٣) القرآنِ] (٤)، حجةً وموعظةً ونصيحةً، وإنا لا نعلمُ اللهَ أوعَد في ذنبٍ ما أَوْعَد في نقضِ الميثاقِ، فمن أَعطَى عهدَ اللهِ وميثاقَه من ثمرةِ قلبِه فلْيفِ به للهِ (٥).

وحدَّثني المُثَنَّى، قال: حدَّثنا إسحاقُ، قال: حدَّثنا ابنُ أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ بنِ أنسٍ في قولِه: ﴿الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾. فهي


(١) في ص: "فيه".
(٢) في ص: "يأخذ".
(٣) سقط من: ر، م. وينظر الدر المنثور ١/ ٤٢.
(٤) سقط من: ص.
(٥) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٤٢ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.