للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: ﴿أُخْرَى﴾. ولم يَقُلْ: أُخَرَ. والآلهةُ جمعٌ؛ لأن الجموعَ يَلْحَقُها التأنيثُ، كما قال تعالى: ﴿فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى﴾ [طه: ٥١]. ولم يَقُلِ: الأُوَلِ. ولا: الأولَّين.

ثم قال لنبيِّه محمدٍ : قل يا محمدُ: ﴿لَا أَشْهَدُ﴾ بما تَشْهَدون أن مع اللهِ آلهةً أخرى، بل أَجْحَدُ ذلك وأنكِرُه، ﴿إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾. يقولُ: إنما هو معبودٌ واحدٌ، لا شَريكَ له فيما يَسْتَوْجِبُ على خلقِه مِن العبادةِ، ﴿وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾. يقولُ: قل: وإننى برئٌ مِن كلِّ شريك تَدَّعُونه للهِ، وتُضِيفونه إلى شَرِكتِه، وتَعْبُدونه معه، لا أَعْبُدُ سوى اللهِ شيئًا، ولا أَدْعُو غيرَه إلهًا.

وقد ذُكِر أن هذه الآيةَ نَزَلَت في قومٍ مِن اليهودِ بأعْيانِهم، مِن وَجْهِ لم تَثْبُتْ صحتُه.

وذلك ما حدَّثنا به هَنَّادُ بنُ السَّرِيِّ وأبو كُرَيبٍ، قالا: ثنا يونسُ بنُ بُكَيْرٍ، قال: ثنى محمدُ بنُ إسحاقَ، قال: ثنى محمدُ بنُ أبى محمدٍ مولى زيدِ بن ثابتٍ، قال: ثني سعيدُ بنُ جبيرٍ، أو عِكْرمةُ، عن ابن عباسٍ، قال: جاء النَّحَّامُ بنُ زِيدٍ، وقَرْدَمُ بنُ كعبٍ، وبَحْرِيُّ (١) بنُ عَمْرٍو (٢)، فقالوا: يا محمدُ، ما تَعْلَمُ مع اللهِ إلهًا غيرَه؟ فقال رسولُ اللهِ : "لا إلهَ إلا اللهُ، بذلك بُعِثْتُ، وإلى ذلك أدْعُو". فأنزَل الله تعالى فيهم وفى قولِهم: ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾. إلى قولِه: ﴿لَا يُؤْمِنُونَ﴾ (٣).


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "يحيى".
(٢) في النسخ: "عمير". والمثبت من مصادر التخريج.
(٣) سيرة ابن هشام ١/ ٥٦٨. وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٢٧٢ (٧١٦٨) من طريق سلمة عن ابن إسحاق عن محمد بن أبى محمد من قوله وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٧ إلى ابن إسحاق وابن المنذر وأبى الشيخ.