للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للجَمَّاءِ مِن القَرْناءِ، ثم يقولُ: كونى تُرابًا. فلذلك يقول الكافرُ: ﴿يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا﴾ (١) [النبأ: ٤٠].

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثَوْرٍ، عَن مَعْمَرٍ، وحدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخْبرَنا عبدُ الرزاقِ، قال: أَخْبَرنا معمرٌ، عن الأعمشِ، ذكَره عن أبي ذَرٍّ، قال: بيْنا أنا عندَ رسول الله إِذا انْتَطَحَت عَنْزان، فقال رسول الله : "أَتَدْرُون فيما انْتَطَحتا؟ ". قالوا: لا نَدْرِى. قال: "ولَكِنَّ الله يَدْرِى، وسيَقْضِي بينهما" (٢).

حدَّثني المثنى، قال: ثنا إسحاقُ بنُ سليمان (٣)، قال: ثنا فطرُ (٤) بنُ خَليفةَ، عن مُنْذِرٍ الثَّوريِّ، عن أبي ذرٍّ، قال: انْتَطَحَت شاتان عندَ النبيِّ ، فقال لي: "يا أبا ذرٍّ، أَتَدْرِى فيمَ انْتَطَحَتا؟ ". قلتُ: لا. قال: "لكنَّ اللَّهَ يَدْرِى، وسيَقْضِى بينهما". قال أبو ذرٍّ: لقد ترَكَنا رسولُ الله وما يُقَلِّبُ طائرٌ جَناحَيْه في السماءِ إلا ذكَّرَنا منه عِلْمًا (٥).

والصوابُ من القولِ في ذلك عندى أن يُقالَ: إن الله تعالى ذكرُه أخْبَرَ أن كلَّ دابةٍ وطائرٍ محشورٌ إليه، وجائزٌ أن يكونَ معنيًّا بذلك حشْرُ القيامة، وجائزٌ أن يكونَ معنيًّا به حشرُ الموتِ، وجائز أن يكونَ مَعْنيًّا به الحَشْران جميعًا، ولا دَلالة في ظاهرِ


(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ٢٠٦، ومن طريقه الحاكم ٢/ ٣١٦، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٢٨٦ (٧٢٦٢) من طريق جعفر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١١ إلى أبي عبيد وابن المنذر.
(٢) تفسير عبد الرزاق ١/ ٢٠٦، وذكره ابن كثير في تفسيره ٣/ ٢٤٩ عن المصنف وعبد الرزاق، وفيه: عن الأعمش، عمن ذكره.
(٣) في م، ت ٢، ت ٣: "سليم".
(٤) في م، ت ٢، ت ٣: "مطر".
(٥) أخرجه الطيالسي (٤٨٢)، وأحمد ٥/ ١٦٢ من طريق أبي يعلى منذر الثوري عن أشياخ له عن أبي ذر به، وأما قول أبي ذر فأخرجه أحمد ٥/ ١٦٢ (الميمنية) من طريق فطر به.