للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى قوله: ﴿وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (١).

وحدَّث بهذا الحديثِ عن محمدِ بن حربٍ، عن ابن لَهيعةَ، عن عقبةَ بن مسلمٍ، عن عقبةَ بن عامرٍ، أن النبي ، قال: "إذا رأَيْتَ اللَّه تعالى يُعْطِى العبادَ ما يَسْأَلون على مَعاصِيهم إياه، فإنما ذلك اسْتِدراجٌ منه لهم". ثم تلا: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ﴾ الآية (٢).

وأصْلُ الإبَلاس في كلام العربِ عندَ بعضِهم الحزنُ على الشيءِ والندمُ عليه. وعندَ بعضِهم انقطاعُ الحُجَّةِ، والسكوتُ عندَ انقطاعِ الحجة. وعندَ بعضِهم الخشوعُ، وقالوا: هو المخذولُ المتروكُ، ومنه قولُ العَجَّاجِ (٣):

يا صاحِ هل تَعْرِفُ رَسْمًا مُكْرَسا

قال نَعَمْ أَعْرِفُه وأَبْلَسَا

فتأويلُ قوله: وأَبْلَسا. عندَ (٤) الذين زعَموا أن الإبْلاسَ انْقِطاعُ الحُجَّةِ والسكوتُ عندَه، بمعنى أنه لم يُحِرْ جوابًا.

وتأوَّله الآخَرون بمعنى الخشوعِ، وتَرْكِ أهلِه إيَّاه مُقيمًا بمكانه. والآخَرون: بمعنى الحزنِ والندمِ، يقالُ منه: أَبْلَس الرجلُ إبْلاسًا. ومنه قيل لإبليسَ: إبليسُ.


(١) أخرجه أحمد ٢٨/ ٥٤٧ (١٧٣١١)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٢٩٠ (٧٢٨٨)، والطبراني ١٧/ ٣٣٠ (٩١٣)، وفى الأوسط (٩٢٧٢)، والبيهقى في الشعب (٤٥٤٠)، والأسماء والصفات (١٠٢١) من طريق حرملة بن عمران به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٢ إلى ابن المنذر وأبى الشيخ وابن مردويه.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٢٩٠ (٧٢٨٨)، وابن عبد الحكم في فتوح مصر ص ٢٩٣، والطبراني ١٧/ ٤٣٣ (٩١٤) من طريق ابن لهيعة به.
(٣) ينظر ما تقدم في ١/ ٥٤٣.
(٤) سقط من: ص، ت ١، س.