للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قتادةَ: ﴿مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ﴾. قال: ما عمِلْتم بالنهارِ.

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخْبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخْبَرنا معمرٌ، عن قتادة مثلَه (١).

حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ بنُ زُرَيْعٍ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ﴾: يعني بذلك نومَهم، ﴿وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ﴾، أي: ما عمِلْتم مِن ذنبٍ فهو يَعْلَمُه، لا يَخْفَى عليه شيءٌ مِن ذلك.

حدَّثنا المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفة، قال: ثنا شبلٌ، عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ﴾. قال: أما وفاتُه إياهم بالليلِ فمنامُهم، وأما ﴿مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ﴾ فيقولُ: ما اكْتَسَبْتم بالنهارِ (٢).

وهذا الكلام وإن كان خبرًا مِن اللهِ تعالى ذكرُه عن قدرتِه وعلمِه، فإن فيه احتجاجًا على المشركين به الذين كانوا يُنْكرون قدرتَه على إحيائِهم بعدَ مماتِهم، وبعثِهم بعد فنائِهم، فقال تعالى ذكرُه مُحْتَجًّا عليهم: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى﴾. يقولُ: فالذي يَقْبِضُ أرواحَكم بالليلِ، ويَبْعَثُكم في النهارِ لتَبْلُغوا أجلًا مُسَمًّى، وأنتم تَرَوْن ذلك وتَعْلَمون صحتَه، غيرُ مُنْكَرٍ له القدرةُ على قبضِ أرْواحِكم وإفنائِكم، ثم ردِّها إلى أجسادِكم وإنشائِكم بعدَ مماتِكم، فإن ذلك نظيرُ ما تُعاينون وتُشاهدون، وغيرُ مُنْكَرٍ لمن قدَر على ما تُعايِنون من ذلك، القدرةُ على ما لم تُعايِنوه، وإن الذي لم تَرَوْه


(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ٢٠٨، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٠٦ (٧٣٧٧) عن الحسن بن يحيى به مختصرًا، وذكر باقيه معلقًا عقب الأثر (٧٣٧٦، ٧٣٧٨). وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٦ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٠٥ (٧٣٧٥) من طريق أبي حذيفة به، دون آخره، فقد علقه عقب الأثر (٧٣٧٦).