فإن قال قائلٌ: أو ليس الذي يَقْبِضُ الأرْواحَ ملَكُ الموتِ، فكيف قيل: ﴿تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا﴾. والرسلُ جملةٌ وهو واحدٌ؟ أو ليس قد قال: ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ﴾ [السجدة: ١١].
قيل: جائزٌ أن يكونَ اللهُ تعالى ذكرُه أعان مَلكَ الموتِ بأعوانٍ من عندِه، فيَتَوَلَّوْن ذلك بأمر ملكِ الموتِ، فيكونُ التَّوَفِّي مضافًا - وإن كان ذلك من فعل أعوانِ ملكِ الموتِ - إلى ملكِ الموتِ، إذ كان فعلُهم ما فعَلوا من ذلك بأمرِه، كما يُضافُ قتلُ مَن قتَل أعوانُ السلطانِ وجلدُ من جلَدوه بأمر السلطانِ، إلى السلطانِ، وإن لم يَكُنِ السلطانُ باشَر ذلك بنفسِه ولا ولِيَه بيدِه.
وقد تأوَّل ذلك كذلك جماعةٌ مِن أهلِ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا أبو كُريْبٍ، قال: ثنا ابنُ إدريسَ، قال: ثنا الحسنُ بنُ عُبيدِ اللهِ، عن إبراهيمَ في قولِه: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ﴾.
قال: كان ابنُ عباسٍ يقولُ: لِملَكِ الموتِ أعوانٌ مِن الملائكةِ (١).
حدَّثني أبو السائبِ، قال: ثنا ابنُ إدريسَ، عن الحسنِ بنِ عُبيدِ اللهِ في قولِه: ﴿تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ﴾. قال: سُئِل ابنُ عباسٍ عنها، فقال: إن لملكِ الموتِ أعوانًا مِن الملائكةِ.
حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ، قال: ثنا سفيانُ، عن الحسنِ بن عُبيد الله، عن إبراهيم في قوله: ﴿تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ﴾. قال: أعوانُ
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٠٧ (٧٣٨٣)، وأبو الشيخ في العظمة (٤٥٨) من طريق الحسن بن عبيد الله به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٦ إلى ابن المنذر.