للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذاقةِ بعضِهم بأسَ بعضٍ - الحقُّ الذي لاشكَّ فيه أنه واقعٌ، إن هم لم يَتُوبوا ويُنِيبُوا مما هم عليه مُقِيمون من معصيةِ الله والشركِ به، إلى طاعةِ الله والإيمانِ به. ﴿قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ﴾.

يقولُ: قلْ لهم يا محمدُ: لستُ عليكم بحَفيظٍ ولا رَقيبٍ، وإنما أنا رسولٌ أُبلِّغُكم ما أُرْسِلْتُ به إليكم، ﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ﴾.

يقولُ: لكلِّ خبرٍ ﴿مُسْتَقَرٌّ﴾. يعني: قرارٌ يَسْتَقِرُّ عندَه، ونهايةٌ يَنتَهِي إليها، فيَتَبَيَّنَ حقُّه وصدقُه من كذبِه وباطلِه. ﴿وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾. يقولُ: وسوف تَعْلَمون أيُّها المُكذِّبون بصحةِ ما أُخْبِرُكم به من وعيدِ اللهِ إياكم أيُّها المشركون، وحقيقتِه (١) عندَ حلولِ عذابِه بكم، فرَأَوْا ذلك وعايَنوه، فقتَلَهم يومَئذٍ بأيْدي أوليائِه من المؤمنين. وبنحوِ الذي قلنا من التأويلِ في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المُفَضَّلِ، قال: ثنا أسْباطُ، عن السديِّ: ﴿وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ﴾. يقولُ: كذَّبَت قريشٌ بالقرآنِ وهو الحقُّ. وأما الوكيلُ فالحفيظُ. وأما ﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ﴾، فكان نبأُ القرآنِ اسْتَقَرَّ يومَ بدرٍ، بما كان يَعِدُهم مِن العذابِ (٢).

حدَّثني المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفةَ، قال: ثنا شِبْلٌ، عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ﴾: لكلِّ نبأٍ حقيقةٌ، إما في الدنيا وإما في الآخرةِ،


(١) في م: "حقيته".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣١٣ (٧٤٢٠، ٧٤٢١، ٧٤٢٤) من طريق أحمد بن مفضل به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٠ إلى أبي الشيخ.