للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : وإذا رأَيْتَ يا محمدُ المشركين الذين يَخُوضُون في آياتِنا التي أنْزَلناها إليك، ووحْيِنا الذي أوْحَيْناه إليك.

وخوضُهم فيها كان استهزاءَهم بها، وسَبَّهم من أنْزَلها وتكَلَّم بها، وتكْذيبَهم بها.

﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾. يقولُ: فصُدَّ عنهم بوجهِك، وقُمْ عنهم، ولا تَجْلِسْ معهم ﴿حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾ يقولُ: حتى يَأْخُذوا في حديثٍ غيرِ الاستهزاءِ بآياتِ اللهِ، مِن حديثهِم بينَهم. ﴿وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ﴾. يقولُ: وإن أنْساك الشيطانُ نَهْيَنا إياك عن الجلوسِ معهم، والإعراضَ عنهم، في حالِ خوضِهم في آياتِنا، ثم ذكَرْتَ ذلك، فقُمْ عنهم، ولا تَقْعُدْ بعدَ ذكْرِك ذلك مع القومِ الظالمين الذين خاضُوا في غيرِ الذي لهم الخوضُ فيه، بما خاضُوا به فيه. وذلك هو معنى ظلمِهم في هذا الموضع. وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أَخْبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخْبرَنا معمرٌ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾. قال: نهاه اللهُ أن يَجْلِسَ مع الذين يَخُوضُون في آياتِ اللهِ يُكَذِّبون بها، فإن نسِي فلا يَقْعُد بعدَ الذكرى (١) مع القومِ الظالمين (٢).

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثَوْرٍ، قال: أَخْبَرنا معمرٌ، عن قتادةَ بنحوِه.

حدَّثنا ابنُ بشارٍ، قال: ثنا مُؤَمَّلٌ، قال: ثنا سفيانُ، عن السديِّ، عن أبي مالكٍ


(١) في ص، ت ١: "الذكر".
(٢) تفسير عبد الرزاق ١/ ٢١٢، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٠ إلى عبد بن حميد.