للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنْزَلَ اللهُ تعالى ذكرُه "براءة"، وأمَر بقتالِهم، فقال: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾.

وأما قولُه: ﴿وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ﴾. فإنه يعني به: وذكِّرْ يا محمدُ بهذا القرآنِ هؤلاء المُوَلِّين عنك وعنه، ﴿أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ﴾. بمعنى: ألَّا تُبْسَلَ، كما قال: ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا﴾ [النساء: ١٧٦]. بمعنى: ألَّا تَضِلُّوا. وإنما معنى الكلامِ: وذَكِّرْهم (١) به ليُؤْمِنوا ويَتَّبِعوا ما جاءَهم مِن عندِ اللهِ مِن الحقِّ، فلا تُبْسَلَ أنفسُهم بما كسَبَت مِن الأَوْزارِ. ولكن حُذِفَت "لا" لدلالةِ الكلامِ عليها.

واخْتَلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِ قولِه: ﴿أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ﴾؛ فقال بعضُهم: معنى ذلك: أن تُسْلَمَ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا يحيى بنُ واضحٍ، قال: ثنا الحسينُ بنُ واقدٍ، عن يزيدَ النَّحْويِّ، عن عكرمةَ قولَه: ﴿أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ﴾. قال: تُسْلَمَ (٢).

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثَوْرٍ، عن معمرٍ، عن الحسنِ: ﴿أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ﴾. قال: أن تُسْلَمَ.

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخْبرَنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخْبرَنا معمرٌ، عن الحسنِ مثلَه (٢).


(١) في م: "ذكر".
(٢) ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣١٨ عقب الأثر (٧٤٥٢) معلقا.