للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السديِّ: ﴿قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا﴾. قال: قال المشركون للمؤمنين: اتَّبِعوا سبيلَنا واتْرُكوا دينَ محمدٍ (١). فقال اللهُ تعالى ذكرُه: ﴿قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا﴾: فهذه الآلهةٌ، ﴿وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ﴾ فيَكونُ مَثَلُنا كمثلِ الذي ﴿اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ﴾. يقولُ: مَثَلُكم إن كفَرْتُم بعدَ الإيمانِ كمثلِ رجلٍ كان مع قومٍ على الطريقِ، فضلَّ الطريقَ، فحيَّرَتْه الشياطينُ، واسْتَهْوَتْه في الأرضِ، وأصحابُه على الطريقِ، فجعَلوا يَدْعُونه إليهم، يقولون: ائْتِنا فإنا على الطريقِ. فأَبَى أن يَأْتِيَهم، فذلك مَثَلُ مَن يَتَّبِعُكم بعدَ المعرفةِ بمحمدٍ، ومحمدٌ الذي يَدْعُو إلى الطريقِ، والطريقُ هو الإسلامُ (٢).

حدَّثني المثنى، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني مُعاويةُ، عن عليِّ بنِ أبي طلحةَ، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا﴾. قال: هذا مَثَلٌ ضرَبه اللهُ للآلهةِ ومَن يَدْعو إليها، وللدعاةِ الذين يَدْعُون إلى اللهِ، كَمَثَلِ رجلٍ ضَلَّ عن الطريقِ [تائهاً ضالاًّ] (٣)، إذ ناداه مُنادٍ: يا فلانُ بنَ فلانٍ، هلمَّ إلى الطريقِ. وله أصحابٌ يَدْعونه: يا فلانُ، هلمَّ إلى الطريقِ. فإن اتَّبَع الداعيَ الأولَ، انْطَلَق به حتى يُلْقِيَه في الهَلَكةِ، وإن أجاب مَن يَدْعُوه إلى الهُدَى اهْتَدَى إِلى الطريقِ، وهذه الداعيةُ التي تَدْعُو في البَرِّيَّةِ مِن الغِيلانِ، يقولُ: مَثَلُ مَن يَعْبُدُ هؤلاء


(١) بعده في النسخ، وتفسير ابن أبي حاتم: . ولا يقوله المشركون، وينظر في تفسير ابن كثير ٣/ ٢٧٤.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٢٠ - ١٣٢٢ (٧٤٦٦، ٧٤٦٨، ٧٤٧٤،٧٤٧٢) من طريق أحمد بن المفضل به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٢ إلى أبي الشيخ.
(٣) سقط من: م.