للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني به المثنى، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ، قال: ثنا معاويةُ، عن عليِّ بنِ أبي طلحةَ، عن ابنِ عباسٍ في قولِه: ﴿عَلِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَدَةِ﴾. يعني: أن عالمَ الغيبِ والشهادةِ هو الذي يَنْفُخُ في الصورِ (١).

فكأن ابنَ عباسٍ تأوَّل في ذلك أن قولَه: ﴿عَلِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَدَةِ﴾. اسمُ الفاعلِ الذي لم يُسَمَّ في قولِه: ﴿يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّور﴾. وأن معنى الكلامِ: يومَ يَنْفُخُ اللهُ في الصورِ عالمُ الغيبِ والشهادةِ. كما تقولُ العربُ: أُكِل طعامُك عبدُ اللهِ. فتُظْهِرُ اسمَ الآكلِ بعدَ أن قد جرَى الخبرُ بما لم يُسَمَّ آكِلُه. وذلك وإن كان وجهاً غيرَ مدفوعٍ، فإن أحسنَ مِن ذلك أن يكونَ قولُه: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾. مرفوعًا على أنه نعتٌ لـ ﴿الَّذِى﴾، في قولِه: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ﴾.

ورُوِي عنه أيضاً أنه كان يقولُ: الصُّورُ في هذا الموضعِ النَّفْخةُ الأُولى.

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾: يعني بالصُّورِ النفخةَ الأولى، ألم تَسْمَعْ أنه يقولُ: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى﴾ يعني الثانيةَ، ﴿فَإِذَا هُم قِيَام يَنظُرُونَ﴾ (٢) [الزمر: ٦٨].

ويعني بقولِه: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾: عالمُ ما تُعايِنون أيُّها الناسُ فتُشاهِدُونه، [وما] (٣) يَغِيبُ عن حَواسِّكم وأبصارِكم فلا تُحِسُّونه ولا تُبْصِرونه،


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٢٤ (٧٤٨٥) من طريق أبي صالح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٣ إلى ابن المنذر.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٢٣ (٧٤٨٤) عن محمد بن سعد به.
(٣) في ص: (مما)