للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك على المسلمين، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، ما منا أحدٌ إلا وهو يَظْلِمُ نفسَه. فقال النبيُّ : "أمَا سمِعْتُم قولَ لقمانَ: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ (١)؟ ".

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا حَكَّامٌ، عن عَنْبَسةَ، عن محمدِ بنِ عبدِ الرحمنِ، عن القاسمِ بن أبي بَزَّةَ، عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾.

قال: عبادةِ الأوثانِ.

حدَّثنا ابنُ وكيعٍ، قال: ثنا محمدُ بنُ بشرٍ، عن مِسْعَرٍ، عن أبي حَصينٍ، عن أبي عبدِ الرحمنِ، قال: بشركٍ (٢).

حدَّثنا ابنُ حمُيدٍ، قال: ثنا سلمةُ، قال: قال ابنُ إسحاقَ: ﴿وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾. قال: بشركٍ.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولم يَخْلِطوا إيمانَهم بشيءٍ من معاني الظلمِ؛ وذلك فعلُ ما نَهَى اللهُ عن فعلِه، أو تركُ ما أمَر اللهُ بفعلِه. وقالوا: الآيةُ على العمومِ؛ لأن اللهَ لم يَخُصَّ به معنًى مِن معاني الظلمِ.

قالوا: فإن قال لنا قائلٌ: أفلا أَمْنَ في الآخرةِ إلا لمن لم يَعْصِ اللهَ في صغيرةٍ ولا كبيرةٍ، وإلّا لَمَن لقِي اللهَ ولا ذنبَ له؟ قلنا: إن اللهَ عنَى بهذه الآيةِ خاصًّا مِن خلقِه دونَ الجميعِ منهم، والذي عنَى بها وأراده بها خليلَه إبراهيمَ ، فأما غيرُه فإنه إذا لقِي اللهَ لا يُشْرِكُ به شيئًا، فهو في مشيئتِه إذا كان قد أتَى بعضَ مَعاصِيه التي لا تَبْلُغُ أن تَكونَ كفرًا، فإن شاء لم يُؤْمِنُه من عذابِه، وإن شاء تفَضَّل عليه فعفا عنه.


(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ٢١٣ عن معمر به.
(٢) ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٣٣ عقب الأثر (٧٥٤٣) معلقا.