للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُؤْمِنوا بقدرةِ الله عليهم، فمَن آمَن أن اللهَ على كلِّ شيءٍ قديرٌ، فقد قدَر اللهَ حَقَّ قَدْرِه، ومَن لم يُؤْمِنُ بذلك فلم يَقْدُرِ اللهَ حقَّ قدرِه (١).

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا أبو حُذيفةَ، قال: ثنا شِبْلٌ، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾. يقولُ: مُشْرِكو قريشٍ (٢).

وأولى هذه الأقوالِ بالصوابِ في تأويلِ ذلك قولُ مَن قال: عُنِي بذلك: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾. مُشركو قريشٍ. وذلك أن ذلك في سياقِ الخبرِ عنهم أولًا، فأن يكونَ ذلك أيضًا خبرًا عنهم، أشبهُ مِن أن يَكونَ خبرًا عن اليهودِ ولمَّا يَجْرِ لهم ذكرٌ يكونُ هذا به متصلاً، مع ما في الخبر عمَّن أخْبَر اللهُ عنه في هذه الآيةِ مِن إنكارِه أن يكونَ اللهُ أَنْزَل على بشرٍ شيئًا من الكتبِ، وليس ذلك مما تَدِينُ به اليهودُ، بل المعروفُ من دينِ اليهودِ الإقرارُ بصُحُفِ إبراهيمَ وموسى وزَبورِ داودَ، وإذا لم يَكُنْ بما رُوِي مِن الخبرِ، بأن قائلَ ذلك كان رجلًا من اليهودِ، خبرٌ صحيحٌ متصلُ السندِ، ولا كان على أن ذلك كان كذلك مِن أهلِ التأويل إجماعٌ، وكان الخبرُ مِن أولِ السورةِ ومُبْتَدَئِها إلى هذا الموضعِ خبرًا عن المشركين مِن عبَدةِ الأوثانِ، وكان قولُه: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ موصولاً بذلك غيرَ مفصولٍ منه، لم يَجُزْ لنا أن نَدَّعِيَ أن ذلك مصروفٌ عما هو به موصولٌ، إلا بحجةٍ يَجبُ التسليمُ لها من خبرٍ أو عقلٍ.

ولكني أَظُنُّ أن الذين تأوَّلوا ذلك خبرًا عن اليهودِ، وجَدوا قولَه: (قُلْ مَن أَنْزَل الكتابَ الذي جاء به موسى نورًا وهدى للناسِ يَجْعَلونه قَراطِيسَ يُبْدُونها ويُخْفُون


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٤١ (٧٥٨٦) من طريق أبي صالح به.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٤١ (٧٥٨٧) من طريق أبي حذيفة به.