للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وهذا القرآنُ يا محمدُ ﴿كِتَابٌ﴾. وهو اسمٌ من أسماءِ القرآنِ، قد بيَّنْتُه وبيَّنْتُ معناه فيما مضى قبلُ، بما أغْنَى عن إعادتِه (١). ومعناه: مكتوبٌ، فوُضِع "الكتابُ" مكانَ "المكتوبِ".

﴿أَنْزَلْنَاهُ﴾. يقولُ: أَوْحَيْناه إليك، ﴿مُبَارَكٌ﴾ وهو مُفاعَلٌ مِن البركةِ، ﴿مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ يقولُ: صدَّق هذا الكتابُ ما قبلَه من كتبِ اللهِ التي أنْزَلها على أنبيائِه قبلَك، لم يُخالِفْها [دلالةً ومعنًى] (٢)، نورًا وهدًى للناسِ. يقولُ: هو الذي أنْزَل إليك يا محمدُ هذا الكتابَ مُبارَكًا مُصَدِّقًا كتابَ موسى وعيسى وغيرَ ذلك مِن كتبِ اللهِ، ولكنه جلَّ ثناؤُه ابْتَدَأ الخبرَ عنه، إذ كان قد تقَدَّم الخبرُ عن ذلك ما يَدُلُّ على أنه [به مُتَّصِلٌ] (٣)، فقال: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ﴾ إليك، ﴿مُبَارَكٌ﴾، ومعناه: وكذلك أنْزَلْتُ إليك كتابي هذا مبارَكًا، كالذي أَنْزَلْتُ مِن التوراةِ إلى موسى هدًى ونورًا.

وأما قولُه: ﴿وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا﴾. فإنه يقولُ: أَنْزَلْنا إليك يا محمدُ هذا الكتابَ مُصَدِّقًا ما قبلَه مِن الكتبِ، ولتُنْذِرَ به عذابَ اللهِ وبأسَه مَن في أمِّ القرى، وهي مكةُ، ﴿وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ شرقًا وغربًا، مِن العادِلِين بربِّهم غيرَه مِن الآلهةِ والأندادِ، والجاحِدِين برسلِه، وغيرِهم من أصنافِ الكفارِ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.


(١) ينظر ما تقدم في ١/ ٩٥.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "ولا سا ومعنى"، وفي م: "ولا بنبأ وهو معنى". والمثبت مستفاد من تحقيق الشيخ شاكر.
(٣) في ص، ف: "من أصل".