للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقراءةُ التي لا نَسْتَجِيرُ تَعدِّيَها (١) بكسرِ الألفِ ﴿فَالِقُ الْإِصْبَاحِ﴾؛ لإجماعِ الحُجَّةِ مِن القرأةِ وأهلِ التأويلِ على صحةِ ذلك ورفضِ خلافِه.

وأما قولُه: (وَجاعِلُ اللَّيْلِ سَكَنًا) فإن القرأةَ اخْتَلَفَت في قراءتِه؛ فقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ أهلِ (٢) الحجازِ والمدينةِ، وبعضُ البصريين: (وَجاعِلُ اللَّيْلِ) بالألفِ على لفظِ الاسمِ، ورفعِه عطفًا على (فالقٍ)، وخفضِ (الليل (٣)) بإضافةِ (جاعل) إليه، ونصبِ (الشمس والقمر) عطفًا على موضعِ (الليل)؛ لأن (الليل) وإن كان مخفوضًا في اللفظِ، فإنه في موضعِ النصبِ؛ لأنه مفعولُ (جاعل)، وحَسُن عطفُ ذلك على معنى (الليل) لا على لفظِه؛ لدخولِ قولِه: ﴿سَكَنًا﴾. بينَه وبينَ (الليل)، قال الشاعرُ (٤):

قُعودًا لَدى الأبْوابِ طُلَّابَ (٥) حاجةٍ … عَوانٍ مِن الحاجاتِ أو حاجةً بِكْرَا

فنصَب "الحاجةَ" الثانيةَ عطفًا بها على معنى "الحاجةِ" الأولى لا على لفظِها؛ لأن معناها النصبُ، وإن كانت في اللفظِ خفضًا، وقد يَجِيءُ مثلُ هذا أيضًا معطوفاً بالثاني على معنى الذي قبلَه لا على لفظِه، وإن لم يَكُنْ بينَهما حائلٌ، كما قال بعضُهم (٦):


(١) في م: "غيرها"، وفي ت ٢، ت ٣، ف: "بعدها".
(٢) سقط من: م.
(٣) هي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وأبي جعفر ويعقوب. النشر ٢/ ١٩٦.
(٤) تقدم البيت في ٢/ ٨٨ منسوبا إلى الفرزدق، ونسب أيضا إلى ذي الرمة، وهو في ديوانه ٣/ ١٨٧١.
(٥) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "طالب".
(٦) شعر نصيب بن رباح ص ١٠٤، ينظر مصادره ص ١٨٨، وهو منسوب أيضا إلى رجل من قيس عيلان كما في الكتاب لسيبويه ١/ ١٧١. والبيت فيه خرم، وينظر معاني القرآن للفراء ١/ ٣٤٦.