للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حمَلوا (١) بصائرَهم (٢) على أكْتافِهم … وبَصِيرتي يَعْدُو بها عَتدٌ (٣) وَأَي (٤) يعني بالبصيرةِ الحجةَ البينةَ الظاهرةَ.

كما حدَّثني يونُسُ، قال: أَخْبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ﴾. قال: البصائرُ الهدى، بصائرُ في قلوبِهم لدينِهم.

وليست ببصائرِ الرءوسِ. وقرَأ: ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج: ٤٦]. قال: إنما الدَّيِّنُ (٥) بصرُه وسمعُه في هذا القلبِ (٦).

حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ﴾. أي: بينةٌ (٧).

وقولُه: ﴿فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ﴾. يقولُ: فمَن تبَيَّن حججَ اللهِ وعرَفها، وأقرَّ بها، وآمَن بما دلَّته عليه من توحيدِ اللهِ وتصديقِ رسولِه وما جاء به، فإنما أصاب حظَّ نفسِه، ولنفسِه عمِل، وإياها بغَى الخيرَ، ﴿وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا﴾. يقولُ: ومَن لم يَسْتَدِلَّ بها، ولم يُصَدِّقْ بما دلَّتْه عليه مِن الإيمانِ باللهِ ورسولِه وتنزيلِه، ولكنه عمِي عن دلالتِها التي تدُلُّ عليها، يقولُ: فنفسَه ضرَّ، وإليها أساء لا إلى غيرِها.

وأما قولُه: ﴿وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ﴾. يقولُ: وما أنا عليكم


(١) في مصادر التخريج: "راحوا".
(٢) البصائر هنا: الدم، وقيل: الديات، وقيل: التُّرس. تهذيب اللغة ١٢/ ١٧٦.
(٣) عتد، بفتح التاء وكسرها: الفرس المعد للركوب، أو هو الشديد التام الخلق المعد للجري. تهذيب اللغة ٢/ ١٩٥.
(٤) الوأَى: الفرس السريع المقتدر الخلق. تهذيب اللغة ١٥/ ٦٥٢.
(٥) في م: "الذي".
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٦٤ (٧٧٤٥) من طريق أصبغ بن الفرج، عن ابن زيد.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٦٤ (٧٧٤٦) من طريق يزيد به وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٣٧ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ.