للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورُوِي عن قتادةَ أنه كان يَقْرَؤُه: (دُرِسَتْ) (١). بمعنى: قُرِئَت وتُلِيَت.

وعن الحسنِ أنه كان يَقْرَؤُه: (دَرَسَتْ). بمعنى: انْمَحَت (٢).

وأولى القراءاتِ في ذلك عندي بالصوابِ قراءةُ من قرَأه: ﴿وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ﴾ (٣). بتأويلِ: قرأْتَ وتعلَّمْتَ؛ لأن المشركين كذلك كانوا يَقولون للنبيِّ ، وقد أخبَر اللهُ عن قيلِهم ذلك بقولِه: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾ [النحل: ١٠٣]. فهذا خبرٌ مِن اللهِ يُنْبِئُ عنهم أنهم كانوا يقولون: إنما يَتَعَلَّمُ محمدٌ ما يَأْتِيكم به مِن غيرِه. فإذ كان ذلك كذلك، فقراءةُ: ﴿وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ﴾ يا محمدُ، بمعنى: تعَلَّمْتَ مِن أهلِ الكتابِ. أشبهُ بالحقِّ، وأولى بالصوابِ مِن قراءةِ مَن قرَأَه: (دارسْتَ). بمعنى: قارَأَتَهم وخاصَمْتَهم. وغيرِ ذلك مِن القراءاتِ.

واخْتَلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِ ذلك، على قدرِ اختلافِ القرأةِ في قراءتِه.

ذكرُ مَن قرَأ ذلك: ﴿وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ﴾.

من المتقدِّمين، وتأوَّله بمعنى: تعلَّمْتَ وقَرَأْتَ حدَّثني المثنى، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ، قال: ثني معاويةُ بنُ صالحٍ، قال: ثني عليُّ بنُ أبي طلحةَ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ﴾. قالوا: قرأْتَ وتعلَّمْتَ. تقولُ ذلك قريشٌ (٤).


(١) قراءة شاذة، وهي أيضا قراءة زيد بن علي، وابن عباسٍ على اختلاف عنه فيه، ورويت عن الحسن. المحتسب ١/ ٢٢٥، ومختصر الشواذ لابن خالويه ص ٤٥، والبحر المحيط ٤/ ١٩٧.
(٢) تفسير القرطبي ٧/ ٥٨، وهي قراءة ابن عامر من السبعة، ويعقوب من العشرة. النشر ٢/ ١٩٦. ولكن ذكر في إتحاف فضلاء البشر ص ١٢٩ أن قراءة الحسن بضم الراء: درُست.
(٣) القراءات: (دَرَسْتَ) و (دَارَسْتَ) و (دَرَسَتْ) كلهن صواب.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٦٥ (٧٧٤٨) من طريق أبي صالح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٣٨ إلى ابن المنذر وابن مردويه.