للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لعلَّك يا تَيْسًا نَزَا في مَرِيرةٍ (١) … مُعَذِّبُ لَيْلَى أن تَرَانِي أَزُورُها

لهَنَّك يا تَيْسًا، بمعنى: لأنّك. التي في معنى: لعلَّك. وأُنْشِد بيتُ أَبي النَّجْمِ العِجْليِّ:

قلتُ لشَيْبانَ ادْنُ مِن لقائِهْ … أنا نُعَدِّي القومَ مِن شِوائِهْ (٢)

بمعنى: لعلَّنا نُعَدِّي القومَ.

وأولى التأويلاتِ في ذلك بتأويلِ الآيةِ قولُ مَن قال: ذلك خطابٌ مِن اللهِ للمؤمنين به من أصحابِ رسولِه، أعْني قولَه: ﴿وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾. وأن قولَه: ﴿أَنَّهَا﴾. بمعنى: لعلَّها.

وإنما كان ذلك أولى تأويلاتِه بالصوابِ؛ لاستفاضةِ القراءةِ في قرأةِ الأمصارِ بالياءِ مِن قولِه: ﴿لَا يُؤْمِنُونَ﴾.

ولو كان قولُه: ﴿وَمَا يُشْعِرُكُمْ﴾. خطابًا للمشركين، لكانت القراءةُ في قولِه: ﴿لَا يُؤْمِنُونَ﴾. بالتاءِ، وذلك وإن كان قد قرَأه بعضُ قرأةِ المكيين كذلك، فقراءةٌ خارجةٌ عما عليه قرأةُ الأمصارِ، وكفَى بخلافِ جميعِهم لها دليلًا على ذَهابِها وشُذوذِها (٣).

وإنما معنى الكلامِ: وما يُدْرِيكم أيُّها المؤمنون، لعلَّ الآياتِ إذا جاءت هؤلاء المشركين لا يُؤْمِنون، فيُعاجَلوا بالنِّقْمةِ والعذابِ عندَ ذلك، ولا يُؤَخَّروا به.


(١) المريرة: الحبل الشديد الفتل. اللسان (م ر ر).
(٢) الكتاب ٣/ ١١٦، والمعاني الكبير ١/ ٣٦٣، وفيهما: كما نغدي.
(٣) القراءة بالتاء ليست شاذة، بل هي متواترة، وقد قرأ بها ابن عامر وحمزة وهما من السبعة؛ وقد خرج أبو حيان هذه القراءة في البحر المحيط ٤/ ٢٠٢ تخريجا جيدا من حيث المعنى فراجعه.