للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾ [يونس: ١٤]. يَعْني بذلك أنه أبدَلكم في الأرضِ منهم، فجعلَكم خُلفاءَ [بعدَهم، ومن ذلك قيل للسلطانِ الأعظمِ: خليفةٌ. لأنه خلَف الذي كان قبلَه، فقام بالأمرِ مَقامَه، فكان منه خَلَفًا] (١)، يقالُ منه: خَلَف الخليفةُ يخلُفُ خِلافةً وخِلِّيفَي (٢).

وكان ابنُ إسحاقَ يقولُ بما حَدَّثَنَا (٣) به ابنُ حُميدٍ، قال: حَدَّثَنَا سلمةُ، عن ابنِ إسحاقَ: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ - يقولُ: ساكنًا وعامرًا يَسكُنُها ويَعْمُرُها - ليسَ خَلْقًا (٤) منكم (٥).

وليس الذي قال ابنُ إسحاقَ في معنى "الخليفةِ" بتأويلِها (٦)، وإن كان اللهُ تعالى ذكرُه إنما أخبَر ملائكتَه أنه جاعلٌ في الأرضِ خليفةً يَسكُنُها، ولكن معناها ما وصفتُ قبلُ.

فإن قال لنا قائلٌ: فما الذي كان في الأرضِ قبلَ بني آدمَ لها عامرًا، فكان بنو آدمَ منه بدلًا، وفيها منه (٧) خَلَفًا؟

قيلَ: قد اختَلف أهلُ التأويلِ في ذلك؛ فحَدَّثَنَا أبو كُريبٍ، قال: حَدَّثَنَا عثمانُ بنُ سعيدٍ، قال: حَدَّثَنَا بشرُ بنُ عُمارةَ، عن أبي رَوْقٍ، عن الضحاكِ، عن ابنِ


(١) سقط من: ت ١، ت ٢.
(٢) الخليفي، بكسر الخاء وتشديد اللام المكسورة وفتح الفاء: الخلافة، وقيل: هو مبالغة في الخلافة لا نفسها، ويدل على كثرة الجهد في أمور الخلافة وتصريف أعنتها. التاج (خ ل ف).
(٣) في ر: "حدثكم".
(٤) في ر: "خلفا".
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٧٦ (٣١٦) من طريق سلمة به. وسيأتي بتمامه في ص ٤٩٦.
(٦) في ص: "بتأويلهما".
(٧) في الأصل: "منهم".