للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأوثانَ والأصنامَ، الذين زيَّن لهم شركاؤُهم قتل أولادِهم، وتحريم ما حَرَّمَتْ عليهم من أموالهم، فقتلوا طاعةً لها أولادهم، وحرَّموا ما أحَلَّ الله لهم وجعله لهم رزقًا من أنعامهم؛ ﴿سَفَهًا﴾ منهم. يقولُ: فعلوا ما فعلوا من ذلك جَهالةً منهم بما لهم وعليهم، ونقص عقولٍ، وضعفَ أحلامٍ منهم، وقلة فهم بعاجل ضرِّه وآجل مكروهِه، من عظيم عقاب الله عليه لهم؛ ﴿افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ﴾. يقولُ: تكذُّبًا (١) على الله وتخرُّصًا عليه الباطلَ، ﴿قَدْ ضَلُّوا﴾. يقولُ: قد تركوا مَحَجَّةَ الحقِّ في فعلِهم ذلك، وزالوا عن سواء السبيلِ، ﴿وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ﴾. يقولُ: ولم يَكُن فاعِلُو ذلك على هدًى واستقامةٍ في أفعالهم التي كانوا يَفْعَلُون قبل ذلك، ولا كانوا مُهْتَدِين للصواب فيها، ولا مُوَفَّقِين له.

ونزلت هذه الآية فى الذين ذكر اللهُ خبرهم في هذه الآيات من قوله: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا﴾ [الأنعام: ١٣٦]. الذين كانوا يَبْحَرون البحائرَ، ويُسَيِّبون السَّوائبَ، ويَئِدُون البنات.

كما حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جُريجٍ، قال: قال عكرمة قوله: ﴿الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾. قال: نزَلَت فى مَن يَئِدُ البناتِ مِن رَبيعةَ ومُضَرَ، كان الرجلُ يَشْتَرِطُ على امرأتِه أَن تَسْتَحْيِيَ جاريةً وتَئِد أخرى، فإذا كانت الجاريةُ التي تَئِدُ (٢)، غدا الرجلُ أو راح من عندِ امرأته، وقال لها: أنتِ علىَّ كظهر أمِّى إن رجَعْتُ إليك ولم تَئِديها. فتَخُدُّ لها في الأرض خَدًّا (٣)، وتُرْسِلُ إلى نسائها، فيَجْتَمِعْنَ عندها، ثم يتداوَلنها، حتى إذا


(١) فى م، ت ٢: "تكذيبا".
(٢) في ص، س: "ىئيد"، وفى م: "توأد".
(٣) يقال: خد الأرض خدًّا: حفرها.