للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واخْتَلَفت القرأةُ فى قراءةِ قولِه: ﴿إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً﴾؛ فقرَأ ذلك بعضُ قرأةِ أهلِ المدينةِ والكوفةِ والبصرةِ: ﴿إِلَّا أَنْ يَكُونَ﴾ بالياءِ، ﴿مَيْتَةً﴾ مُخَفَّفةَ الياءِ منصوبةً (١)، على أن فى ﴿يَكُونَ﴾ مجهولًا (٢)، و"الميتةُ" فعلٌ (٣) له، فنُصِبَت على أنها فعلُ ﴿يَكُونَ﴾، وذكَّروا ﴿يَكُونَ﴾ لتذكيرِ المُضْمَرِ فى ﴿يَكُونَ﴾.

وقرَأ ذلك بعضُ قرأةِ أهلِ مكةَ والكوفةِ: (إلا أن تكونَ) بالتاءِ، (مَيْتةً) بتخفيفِ الياءِ مِن "الميتةِ" ونصبِها (٤)، وكأن معنى نصبِهم "الميتةَ" معنى الأوَّلين، وأنَّثوا (تكونَ) لتأنيثِ "الميتةِ"، كما يقالُ: إنها قائمةٌ جارِيتُك، وإنه قائمٌ جارِيتُك. فيُذَكَّرُ المجهولُ مرةً، ويُؤَنَّثُ أخرى؛ لتأنيثِ الاسمِ الذى بعدَه.

وقرَأ ذلك بعضُ المدَنِيِّين: (إلا أن تَكونَ مَيِّتةٌ) بالتاءِ فى (تكونَ)، وتشديدِ الياءِ مِن (ميِّتةٌ) ورفعِها (٥). فجعَل "الميِّتةَ" اسمَ (تكونَ)، وأنَّث (تكونَ) لتأنيثِ "الميِّتةِ"، وجعَل (تكونَ) مُكْتَفِيةً بالاسمِ دونَ الفعلِ؛ لأن قولَه: (إلا أن تَكونَ مَيِّتةٌ) استثناءٌ، والعربُ تَكْتَفِى فى (٦) الاستثناءِ بالأسماءِ عن الأفعالِ، فيقولون: قام الناسُ إلا أن يكونَ أخاك، وإلا أن يكونَ أخوك. فلا تَأْتى لـ


(١) هى قراءة نافع وأبى عمرو وعاصم. حجة القراءات ص ٢٧٦.
(٢) يقصد بالمجهول الضمير. مصطلحات النحو الكوفى ص ٦٦.
(٣) يقصد بالفعل هنا الخبر. مصطلحات النحو الكوفى ص ٥٣.
(٤) هى قراءة ابن كثير وحمزة. حجة القراءات ص ٢٧٦.
(٥) هى قراءة أبى جعفر، وهو من العشرة. النشر ٢/ ٢٠٠. وفى الآية قراءة أخرى متواترة، فقد قرأ ابن عامر بالتاء، ورفع "الميتة" مخففة. ينظر المصدران السابقان.
(٦) فى ص، ت ٢، س، ف: "بالاسم دون الفعل".