للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال اللهُ لنبيِّه: ﴿فَإِنْ شَهِدُوا﴾ يا محمدُ. يقولُ: فإن جاءوك بشهداءَ يَشْهَدون أن اللهَ حَرَّم ما يَزْعُمون أن اللهَ حَرَّمه عليهم، ﴿فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ﴾. فإنهم كَذَبَةٌ وشهودُ زُورٍ في شهادتِهم بما شهِدوا به مِن ذلك على اللهِ. وخاطَب بذلك جلَّ ثناؤُه نبيَّه ، والمرادُ به أصحابُه والمؤمنون به، ﴿وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾. يقولُ: [ولا تُشايِعْهم] (١) على ما هم عليه من التكذيبِ بوحي اللهِ وتنزيلِه، فى تحريمِ ما حرَّم، وتحليلِ ما أحَلَّ لهم، ولكن اتَّبِعْ مَا أُوْحِى إليك مِن كتابِ ربِّك الذى لا يَأْتِيه الباطلُ مِن بينِ يديْه ولا مِن خلفِه. ﴿وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ﴾. يقولُ: ولا تَتَّبع أهواءَ الذين لا يُؤْمِنون بالآخرةِ، فتُكَذِّبَ بما هم به مُكَذِّبون؛ مِن إحياءِ اللهِ خلقَه بعدَ مَماتِهم، ونَشْرِه إياهم بعدَ فنائِهم، ﴿وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾. يقولُ: وهم مع تكذيبِهم بالبعثِ بعدَ المَماتِ، وجحودِهم قيامَ الساعةِ، باللهِ يَعْدِلون الأوثانَ والأصنامَ، فيَجْعَلونها له عِدْلًا، ويَتَّخِذونها له نِدًّا يَعْبُدونها مِن دونِه.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال جماعةٌ من أهلِ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المفضلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ قولَه: ﴿هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا﴾. يقولُ: قُلْ: أَرُونى الذين يَشْهَدون أن اللهَ حرَّم هذا مما حَرَّمَتِ العربُ، وقالوا: أمرَنا اللهُ به. قال اللهُ لرسولِه: ﴿فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ﴾ (٢).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، عن


(١) فى م، س: "ولا تتابعهم"، وفي ت ١: "وتشايعهم".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٤١٣ (٨٠٥٢، ٨٠٥٤، ٨٠٥٥) من طريق أحمد بن المفضل به.