للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن الأقمَرِ، عن أبي الأحْوَصِ أنه تلا هذه الآيةِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾. ثم يقولُ: بُرِّئ نبيُّكم منهم (١).

حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا أبي وابن إدريس وأبو أسامةَ ويحيى بنُ آدمَ، عن مالكِ بن مِغْوَلٍ بنحوِه.

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنا شُجاعٌ أبو بدرٍ، عن عمرِو بن قيسٍ المُلَائيِّ (٢)، قال: قالت أُمُّ سلمةَ: ليَتَّقِ امرؤٌ ألا يكونَ مِن رسولِ اللهِ في شيءٍ. ثم قرَأَت: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾. قال عمرُو بنُ قيسٍ: قالها مُرَّةُ الطَّيِّبُ، وتلا هذه الآية (٣).

والصوابُ مِن القولِ في ذلك أن يقال: إن قولَه: ﴿لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾.

إعلام مِن الله نبيِّه محمدٍ أنه مِن مبتدعة أمتِه المُلْحِدة في دينِه بَرِيءٌ، ومِن الأحزاب مِن مشركي قومِه ومن اليهودِ والنصارى، وليس في إعلامِه ذلك ما يُوجِبُ أن يكونَ نهاه عن قتالِهم؛ لأنه غيرُ مُحالٍ أن يقالَ في الكلامِ: لستَ مِن دينِ اليهودِ والنصارى في شيءٍ، فقاتِلْهم؛ فإِنَّ أَمْرَهم إلى اللهِ في أَن يَتَفَضَّلَ على مَن شَاء منهم فيَتُوبَ عليه، ويُهْلِكَ مَن أراد إهلاكَه منهم كافرًا، فيَقْبِضَ رُوحَه، أو يَقْتُلَه بيدِك على كفرِه، ثم يُنَبِّئهم بما كانوا يَفْعَلون عندَ مَقْدَمِهم عليه. وإذ كان غيرَ مستحيلٍ اجتماعُ الأمرِ بقتالِهم وقولِه: ﴿لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ﴾، ولم يَكُنْ في الآية دليلٌ واضحٌ على أنها منسوخةٌ، ولا ورد بأنها منسوخةٌ عن الرسولِ


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٤٣١ (٨١٦١) من طريق ابن إدريس به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٦٣ إلى عبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن المنذر وأبى الشيخ.
(٢) في م: "الملأ". وينظر تهذيب الكمال ٢٢/ ٢٠٠.
(٣) أخرجه أحمد بن منيع - كما في المطالب العالية (٣٩٧٥) - عن شجاع أبي بدر عن عمرو بن قيس عن رجل، عن أم سلمة، دون قول مرة الطيب، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٦٣ إلى أبى الشيخ. وقول مرة أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٤٣١ (٨١٦٠)، وأبو نعيم في الحلية ٤/ ١٦٣ من طريق شجاع أبي بدر به.