للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قال قائلٌ: فإن الله قد قال له إذ سأله الإنظارَ إلى يومِ يُبْعَثون: ﴿إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ﴾. في هذا الموضعِ، فقد أجابه إلى ما سأل؟

قيل (١): ليس الأمرُ كذلك، وإنما كان يكونُ (٢) مُجِيبًا له إلى ما سأل لو كان قال له: إنك مِن المُنْظَرِين إلى الوقتِ الذي سألتَ، أو إلى يومِ البعثِ، أو إلى يومِ يُبْعَثون. أو ما أشبهَ ذلك مما يدلُّ على إجابتِه إلى ما سأل مِن النَّظِرةِ.

فأما قولُه: ﴿إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ﴾. فلا دليلَ فيه لولا الآيةُ الأخرى التي قد بَيَّن فيها مدةَ إنظارِه إياه إليها، وذلك قولُه: ﴿إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٣٧) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ﴾. كم (٣) المدةُ التي أنْظَره إليها؛ لأنه إذا أَنْظَرَه يومًا واحدًا أو أقلَّ منه أو أكثرَ، فقد دَخَلَ في عِدادِ المُنْظَرين، وتَمَّ فيه وعدُ اللهِ الصادقُ، ولكنه بَيَّنَ قدرَ مدةِ ذلك بالذي ذكرنا، فعُلِمَ بذلك الوقتُ الذي أُنْظِر إليه.

وبنحوِ ذلك كان السديُّ يقولُ.

حدثني موسى بنُ هارونَ، قال: ثنا عمرُو بنُ حمادٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ: ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٣٦) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٣٧) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ﴾ [الحجر: ٣٦ - ٣٨، ص: ٧٩ - ٨١]. فلم يُنْظِرْه إلى يوم البعثِ، ولكن أنظَرَه إلى يومِ الوقتِ المعلومِ، وهو يومُ يُنفخُ في الصورِ النفخةُ الأولى، فصَعِقَ مَن في السماواتِ ومَن في الأرضِ فماتَ (٤).

فتأويلُ الكلامِ: قال إبليسُ لربِّه: ﴿فَأَنْظِرْنِي﴾. أي: أَخِّرْنى وأَجِّلْنى:


(١) بعده في م: "له".
(٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف.
(٣) سقط من: ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف، وفى م: "على".
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٩٩ إلى ابن أبي حاتم دون قوله: وهو يوم ينفخ في الصور ....