للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُحاسَبُ الناسُ يومَ القيامةِ، فمَن كانت حسناتُه أكثر من سيئاته بواحدةٍ دخل الجنةَ، ومَن كانت سيئاتُه أكثر من حسناته بواحدةٍ دخل النار. ثم قرأ قولَ اللَّهِ جلَّ وعزَّ: ﴿فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٢) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ [المؤمنون: ١٠٢، ١٠٣]. ثم قال: إن الميزان يخفُّ بمثقال حبةٍ، ويَرْجَحُ. قال: فمَن اسْتَوَت حسناتُه وسيئاتُه كان من أصحاب الأعرافِ، فوُقِفوا على الصراط، ثم عرَفوا أهل الجنة وأهل النارِ، فإذا نظَروا إلى أهل الجنة نادَوْا: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ﴾. وإذا صرَفوا أبصارهم إلى يسارهم (١) أصحاب النار، قالوا: ﴿رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾. فتعوذوا (٢) بالله من منازلهم. قال: فأما أصحابُ الحسناتِ، فإنهم يُعْطَوْن نورًا، فيمْشُون به بين أيديهم وبأيمانهم، ويُعْطَى كُلُّ عبدٍ يومئذٍ نورًا، وكلُّ أَمَةٍ نورًا، فإذا أَتَوْا على الصراطِ سَلَبَ اللَّهُ نورَ كُلِّ منافقٍ ومنافقةٍ، فلما رأى (٣) أهلُ الجنة ما لقى المنافقون قالوا: ﴿رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا﴾ [التحريم: ٨]. وأما أصحابُ الأعرافِ، فإن النور كان في أيديهم، فلم يُنْزَعْ من أيديهم، فهنالك يقولُ الله: ﴿لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ﴾. فكان الطمعُ دخولًا، قال: فقال ابن مسعودٍ: على أن العبد إذا عمل حسنةً كُتِب له بها عشرٌ، وإذا عمل سيئةً لم تُكتب إلا واحدةً. ثم يقولُ: هلَك مَن غَلَب وُحْدانُه أعشارَه (٤).

حدَّثنا أبو هَمَّامٍ الوليدُ بنُ شُجَاعٍ، قال: حدَّثني ابن وهبٍ، قال: أخبرني عيسى الحنَّاط (٥)، عن الشعبيِّ، عن حذيفة، قال: أصحابُ الأعراف قومٌ كانت لهم


(١) بعده في م: "نظروا"، وفى الدر المنثور: "رأوا".
(٢) في الأصل: "فنعوذ". وفى م: "فيتعوذون".
(٣) في ص، ت ١، س، ف: "رأوا".
(٤) الزهد لابن المبارك (٤١١ - زوائد نعيم).
(٥) في ف، م: "الخياط"، وبهما كان يلقب، وكان يلقب بـ "الخباط". وينظر تهذيب الكمال ٢٣/ ١٥، ١٧.