للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ﴾. قال: هم الملائكةُ. قلتُ: يا أبا مجلز، يقولُ الله : ﴿رِجَالٌ﴾ وتقول أنت: ملائكة؟ قال: إنهم ذكران ليسوا بإناث (١).

حدثني المثنى، قال: ثنا الحجاجُ، قال: ثنا حمادٌ، عن عِمْرانَ بن حُديرٍ، عن أبي مجلزٍ في قوله: ﴿وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ﴾. قال: الملائكةُ. قال: قلتُ: يقولُ الله: ﴿رِجَالٌ﴾. قال: الملائكة (٢).

والصواب من القولِ في أصحاب الأعراف أن يُقال كما قال الله جل ثناؤُه فيهم: هم رجالٌ يَعْرِفون كُلًّا مِن أهل الجنة وأهل النار بسيماهم. ولا خبر عن رسول الله يَصِحُّ سندُه، ولا آية (٣) متفقٌ على تأويلها، ولا إجماع من الأمة على أنهم ملائكةٌ.

فإذ كان ذلك كذلك، وكان ذلك لا يُدْرَكُ قياسًا، وكان المتعارَفُ بينَ أهل لسان العرب أن الرجالَ اسمٌ يَجْمَعُ (٤) ذكور بنى آدمَ دونَ إناثهم، ودون سائر الخلقِ غيرهم. كان بيِّنًا، أن ما قاله أبو مجلز من أنهم ملائكة، قولٌ لا معنى له، وأن الصحيح من القول في ذلك ما قاله سائرُ أهل التأويل غيره، هذا مع من قال بخلافه من أصحاب رسول الله ، ومع ما رُوى عن رسول الله في ذلك من الأخبار، وإن كان في أسانيدها ما فيها.

وقد حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنى جَرِيرٌ، عن عُمارةَ بن القَعْقاعِ، عن أبي زُرْعةَ بن (٥) عمرِو بن جَريرٍ، قال: سُئل رسولُ اللهِ عن أصحاب الأعراف، فقال: "هم آخِرُ مَن يُفْصَلُ بينَهم مِن العبادِ، وإذا فرغ ربُّ


(١) أخرجه ابن الأنبارى في الأضداد ص ٣٦٩ من طريق وكيع به.
(٢) بعده في م: "ذكور".
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "أنه".
(٤) في الأصل: "لجمع".
(٥) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "عن". وينظر تهذيب الكمال ٣٣/ ٣٢٣.