للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المُباركِ بن فَضالةَ، عن الحسنِ، قال: إن كان الرجلُ لقد جَمَعَ القرآن وما يشعُرُ به جارُه، وإن كان الرجلُ لقد فَقِهَ الفقهَ الكثيرَ (١) وما يشعُرُ به الناسُ، وإن كان الرجلُ ليُصَلِّي الصلاةَ الطويلةَ في بيتِه، وعندَه الزَّوْرُ (٢) وما يَشْعرون به، ولقد أَدْرَكْنا أقوامًا ما كان على الأرضِ مِن عملٍ يَقْدِرون على أن يَعْمَلُوه في السرِّ فيكونَ علانيةً أبدًا، ولقد كان المسلمون يَجْتَهدون في الدعاءِ، وما يُسْمَعُ لهم صوتٌ، إن كان إلا هَمْسًا بينَهم وبينَ ربِّهم، وذلك أن الله يقولُ: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾. وذلك أن الله ذَكَرَ عبدًا صالحًا ورَضِيَ فعلَه، فقال: ﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (٢)(٣) [مريم: ٣].

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا جريرٌ، عن عاصمٍ الأحولِ، عن أبي عثمانَ النهديِّ، عن أبي موسى، قال: كان النبيُّ في غَزاةٍ، فأشْرَفوا على وادٍ [فجعَل الناسُ] (٤) يُكَبِّرون ويُهَلِّلون ويَرْفَعون أصواتَهم، فقال: "أيُّها الناسُ ارْبَعُوا (٥) على أنفسِكم، إنكم لا تَدْعُون أَصَمَّ ولا غائِبًا، إنكم تَدْعُون سميعًا قريبًا، إنه (٦) معكم" (٧).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخُراسانيِّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾. قال: السِّرُّ (٨).


(١) في الأصل: "الكبير".
(٢) في م: "الزوار". وفى ص: "الروز"، وفى ت ١، س، ف: "السرور". والزَّور: الزائرون، اسم للجمع ويكون للواحد والمذكر والمؤنث بلفظ واحد. تاج العروس (ز و ر).
(٣) الزهد لابن المبارك (١٤٠)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٩٢، ٩٣ إلى أبى الشيخ.
(٤) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف.
(٥) اربعوا: ارفقوا. تاج العروس (ر ب ع).
(٦) سقط من: م، و في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "أنا".
(٧) أخرجه ابن ماجه (٣٨٢٤) من طريق جرير به، وأخرجه الطيالسي (٤٩٥)، والبخاري (٢٩٩٢، ٤٢٠٥)، ومسلم (٢٧٠٤) وغيرهم من طريق عاصم الأحول به.
(٨) ذكره ابن كثير في تفسيره ٣/ ٤٢٤ عن ابن جريج به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٩٢ إلى=