للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التي انصَرَفوا فيها عن صالحٍ وجوهَهم مصفرَّةً، فأيْقَنوا بالعذابِ، وعرَفوا أن صالحًا قد صدَقهم، فطلَبوه ليَقْتُلوه، وخرَج صالحٌ هاربًا منهم (١)، حتى لجَأ إلى بطنٍ مِن ثمودَ يقالُ لهم: بنو غُنْمٍ. فنزَل على سيِّدِهم؛ رجلٍ منهم يقالُ له: نفيلٌ. يُكْنَى بأبي هُدْبٍ، وهو مُشرِكٌ، فغَيَّبَه فلم يَقْدِروا (٢) عليه. فغَدوا على أصحابِ صالحٍ، فعَذَّبوهم ليدلُّوهم عليه، فقال رجلٌ مِن أصحابِ صالحٍ - يقالُ له: ميدعُ (٣) بنُ هرمٍ: يا نبيَّ اللهِ، إنهم ليُعَذِّبوننا لنَدُلَّهم عليك، أفندُلُّهم عليك؟ قال: نعم. فدَلَّهم عليه ميدعُ (٣) بنُ هرمٍ، فلما عَلِموا بمكانِ صالحٍ، أَتَوا أَبَا هُدْبٍ فَكَلَّمُوه، فقال: نعم (٤)، عندى صالحٌ، وليس لكم إليه سبيلٌ. فأَعْرَضُوا (٥) عنه وتَرَكوه، وشغَلهم عنه ما أنزَل اللَّهُ بهم مِن عذابِه، فجعَل بعضُهم يُخْبِرُ بعضًا بما يَرَون في وجوهِهم حينَ أصْبَحوا مِن يومِ الخميسِ، وذلك أن وجوهَهم أصبحت مُصْفرَّةً، ثم أصبَحوا يومَ الجمعةِ ووجوهُهم مُحْمرَّةٌ، ثم أصبَحوا يومَ السبتِ ووجوهُهم مسودَّةٌ، حتى إذا كان ليلةُ الأحدِ خرَج صالحٌ من بين أظْهُرِهم ومَن أسلَمَ معه إلى الشامِ، فنَزَل رملةَ فلسطينَ، وتَخَلَّفَ رجلٌ مِن أصحابِه يقالُ له: ميدعُ (٣) بنُ هرمٍ. فنَزَلَ قُرْحَ، وهى وادى القرى، وبينَ القُرْحِ وبينَ الحِجْرِ ثمانية عشَرَ ميلًا، فنزَل على سيدِهم؛ رجلٌ يقالُ له: عمرُو بنُ غُنْمٍ. وقد كان أكَل مِن لحمِ الناقةِ ولم يَشْرَكْ (٦) في قَتْلِها، فقال له ميدعُ بنُ هرم: يا عمرُو بنَ غُنْمٍ، اخرُجْ مِن هذا البلد، فإن صالحًا قال: مَن


(١) في م، ت ١، ت ٢، ت، س، ف: "منها".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت، س، ف: "يقدر".
(٣) في ت ١، وعرائس المجالس: "مبدع".
(٤) في م: "لهم".
(٥) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "وأعرضوا".
(٦) في م: "يشترك".