للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علَّمَهم إياه ربُّهم، وأنه يَخُصُّ بما شاء مِن العلمِ مَن شاء مِن الخلقِ، ويَمْنَعُه منهم مَن شاء، كما علَّم آدمَ أسماءَ من عرَض على الملائكةِ، ومنَعهم علمَها إلا بعدَ تعليمِه إياهم.

فأما تأويلُ قولِه: ﴿قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ﴾: [قال اللهُ: يا آدمُ أنبِئْهم] (١). يقولُ: أخْبِرِ الملائكةَ. والهاءُ والميمُ في قولِه: ﴿أَنْبِئْهُمْ﴾ عائدتان على الملائكةِ. وقولُه: ﴿بِأَسْمَائِهِمْ﴾ يعنى: بأسماءِ الذين عرَضهم على الملائكةِ. والهاءُ والميمُ اللتان في ﴿بِأَسْمَائِهِمْ﴾ كنايةٌ عن ذكرِ ﴿هَؤُلَاءِ﴾ التى في قولِه: ﴿أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ﴾. ﴿فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ﴾ يقولُ: فلمّا أخْبَر آدمُ الملائكةَ بأسماءِ الذين عرَضهم عليهم، فلم يَعْرِفوا أسماءَهم، وأيْقَنوا خطأَ قِيلِهم: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾. وأنهم قد هفَوْا (٢) في ذلك، وقالوا ما لا يَعْلَمون كيفيَّةَ وقوعِ قَضاءِ ربِّهم في ذلك، لو وقَع على ما نطَقوا به - قال لهم ربُّهم: ﴿أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾. والغيبُ: هو مما غاب عن أبصارِهم فلم يُعايِنوه. تَوبيخًا مِن اللهِ جلَّ وعزَّ لهم بذلك على ما سلَف مِن قيلِهم، وفرَط منهم مِن خطأِ مسألتِهم.

كما حدَّثنا محمدُ بنُ العَلاءِ، قال: حدَّثنا عثمانُ بنُ سعيد، قال: حدَّثنا بشرُ ابنُ عُمارة، عن أبى رَوْقٍ، عن الضَّحاكِ، عن ابنِ عباس: ﴿قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ﴾. يقولُ: أخْبِرْهم بأسمائِهم، ﴿فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ﴾ أيُّها الملائكةُ خاصةً: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾، ولا يَعْلَمُه غيرى (٣).

حدَّثنى يونُسُ، قال: أخْبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قصةِ الملائكةِ


(١) سقط من: م، وفى ص: "يقول أخبرهم".
(٢) بعده في ص: "عنده".
(٣) تقدم بتمامه في ص ٤٨٥.