للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ﴾. أي: العذابَ.

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، قال: ثنا معمرٌ، عن قتادةَ: ﴿وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ﴾. يقولُ: العذابُ (١).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرَنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ﴾. قال: الرجزُ العذابُ الذي سلَّطه اللهُ عليهم مِن الجرادِ والقُمَّلِ وغيرِ ذلك، وكلُّ ذلك يعاهِدونه ثم يَنْكُثون.

وقد بيَّنا معنى "الرِّجزِ" فيما مضى من كتابِنا هذا بشواهدِه المغنيةِ عن إعادتِها (٢).

وأولى القولين بالصوابِ في هذا الموضعِ أن يقالَ: إن الله تعالى ذكرُه أَخبر عن فرعونَ وقومِه أنهم لما وقَع عليهم الرجزُ - وهو العذابُ والسَّخَطُ مِن اللَّهِ عليهم - فزِعوا إلى موسى بمسألتِه ربَّه كَشْفَ ذلك عنهم. وجائزٌ أن يكونَ ذلك الرجزُ كان الطوفانَ والجرادَ والقُمَّلَ والضفادعَ والدمَ؛ لأنَّ كلَّ ذلك كان عذابًا عليهم. وجائزٌ أن يكونَ ذلك الرجزُ كان طاعونًا، ولم يُخبرْنا اللهُ أيَّ ذلك كان، ولا صحَّ عن رسولِ اللهِ بأيِّ ذلك كان خبرٌ فنُسَلِّمَ له. فالصوابُ أن نقولَ فيه كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ﴾. فلا نتعداه إلا بالبيانِ الذي لا تمانعَ فيه بينَ أهلِ التأويلِ، وهو: لمَّا حل بهم عذابُ اللهِ وسخطُه قالوا: ﴿يَامُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ﴾. يقولُ: بما أوصاك وأمَرك به - وقد بينّا معنى "العهدِ" فيما مضى (٣) - ﴿لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ﴾. يقولُ: لئن رفَعت عنا العذابَ الذي


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ٢٣٤ عن معمر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١١١ إلى عبد بن حميد وأبى الشيخ.
(٢) ينظر ما تقدم في ١/ ٧٢٩ - ٧٣١.
(٣) ينظر ما تقدم في ١/ ٤٣٥، ٤٣٦.