للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَخْلُقُ اللهُ ما [يَشاءُ أن يَخْلُقَ] (١)، فلن يَخْلُقَ خلقًا إلَّا ونحن أكرمُ عليه منه (٢).

حدَّثني المُثَنَّى، قال: حدَّثنا إسحاقُ، قال: حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ بنِ أنسٍ: ﴿وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾: فكان الذي أَبدَوا حين قالوا: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا﴾. وكان الذي كتَموا بينَهم قولُهم: لن يَخْلُقَ ربُّنا خلقًا إلا كنا نحن أعلَمَ منه وأكرمَ. فعرَفوا أن اللهَ فضَّل آدمَ عليهم في العلمِ والكرمِ (٣).

قال أبو جعفرٍ: وأولى هذه الأقوالِ بتأويلِ الآيةِ ما قاله ابنُ عباسٍ، وهو أن معنى قولِه: ﴿وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ﴾: وأعلمُ -مع علمِي غيبَ السماواتِ والأرضِ- ما تُظهِرون بألسنتِكم، ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾: وما كنتم تُخْفُونه في أنفسِكم، فلا يَخْفَى عليَّ شيءٌ، سواءٌ عندي سَرائرُكم وعَلانيَتُكم. والذي أظْهَروه بألسِنِتهم ما أخبَرَ اللهُ تعالى ذكرُه عنهم أنهم قالوه، وهو قولُه (٤): ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾. والذى كانوا يَكْتُمونه ما كان عليه منطويًا إبليسُ مِن الخلافِ على اللهِ في أمرِه، والتَّكَبُّرِ عن طاعتِه؛ لأنه لا خلافَ بينَ جميعِ أهلِ التأويلِ أن تأويلَ ذلك غيرُ خارجٍ مِن أحدِ الوجهَيْن اللذين وصَفْتُ، وهو ما قلْنا. والآخرُ ما ذكَرْنا مِن قولِ الحسنِ وقتادةَ، ومَن قال: إن معنى ذلك كِتْمانُ الملائكةِ بينَهم: لن يَخْلُقَ اللهُ خلقًا إلا كنا أكرمَ عليه منه. فإذ كان لا قولَ في


(١) في الأصل، ر: "شاء".
(٢) تفسير عبد الرزاق ١/ ٤٣.
(٣) بعده في ت ١، ت ٢: "كتموا بينهم قولهم لن يخلق ربنا خلقا".
والأثر أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ٨٣ (٣٥٧) من طريق ابن أبي جعفر به.
(٤) في م: "قولهم".