للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تنسَ عبدَك، لا أدرى أَأَنْفَلتُ (١) مما أنا فيه أم لا؟ إن خرجتُ احترقتُ (٢)، وإن مكثتُ مِتُّ. فقال له كبيرُ الملائكةِ ورئيسُهم: قد أوشكتَ يا بنَ عمرانَ أن يمتلِئَ جوفُك وينخلِعَ قلبُك ويَشْتَدَّ بكاؤُك، فاصبرْ للذى جلسْتَ لتنظرَ إليه يا بنَ عمرانَ. وكان جبلُ موسى جبلًا عظيمًا، فأمَر اللَّهُ أن يُحْمَلَ عرشُه، ثم قال: مرُّوا بى على عبدى ليرانى، فقليلٌ مِن كثيرٍ ما رأى. فانفرجَ الجبلُ مِن عظمةِ الربِّ، وغشَّى ضوءُ عرشِ الرحمنِ جبلَ موسى، ورفعت ملائكةُ السماواتِ أصواتَهم (٣) جميعًا، فارتجّ الجبلُ فاندَكَّ وكلُّ شجرةٍ كانت فيه، وخرَّ العبدُ الضعيفُ موسى بنُ عمرانَ صَعِقًا على وجهِهِ ليس معه رُوحُه، فأرسل اللَّهُ الحياةَ برحمتِه، فتغشاه الرُّوحُ (٤) برحمتِه وقلَب الحجرَ الذي كان عليه وجعَله كالمَعِدَة (٥) كهيئة القُبَّةِ؛ لئلَّا يحترقَ موسى، فأقامَه الرّوحُ مثلَ الأمِّ أقامت جنينَها حين يُصرَعُ. قال: فقام موسى يسبحُ اللَّهَ ويقولُ: آمنتُ أنك ربِّي، وصدَّقْتُ أنه لا يراك أحدٌ فيحيا، ومَن نظَرَ إلى ملائكتِك انخلعَ قلبُه، فما أعظمَك ربِّ وأعظمَ ملائكتَك، أنت ربُّ الأربابِ وإلهُ الآلهةِ وملِكُ الملوكِ، تأمرُ الجنودَ الذين هم عبيدُك (٦) فيُطيعونك، وتأمرُ السماءَ وما فيها فَتطيعُك (٧)، لا تستنكِفُ مِن ذلك، ولا يعدِلُك شيءٌ، ولا يقومُ لك شيءٌ، ربِّ تبتُ إليك، الحمدُ للَّهِ الذي لا شريكَ لك (٨)، ما أعظمَك


(١) في ص، ت ١، س، ف: "انقلب"، وفى م: "أنقلب".
(٢) في م: "أحرقت".
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "أصواتها".
(٤) سقط من: م.
(٥) في ت ٢: "كالعرة".
(٦) في ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "عندك".
(٧) في الأصل: "فيطيعك".
(٨) في م: "له".