للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ﴾. فليت شعرِى ما فُعِلَ بهؤلاءِ الذين قالوا: ﴿لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ﴾؟

حدثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا يعقوبُ، عن جعفر، عن ماهانَ الحنفيِّ أبي صالحٍ في قوله: ﴿تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ﴾. قال: كانوا في المدينة التي على ساحل البحرِ، وكانت الأيام ستةً، الأحدُ إلى الجمعةِ، فوضعتِ اليهود يوم السبتِ، وسَبَّتوه على أنفُسِهم، فَسَبَّته اللَّهُ عليهم، ولم يكن السبتُ قبل ذلك، فوكَّده الله عليهم، وابتلاهم فيه بالحيتانِ، فجعَلت تَشْرَعُ يوم السبتِ، فيتَّقون أنْ يُصيبوا منها، حتى قال رجلٌ منهم: والله ما السبتُ بيومٍ وكَّدَه الله علينا، ونحنُ وكَّدناه على أنفسِنا، فلو تناولتُ من هذا السمكِ. فتناولَ حوتًا من الحيتانِ، فسمِعَ بذلك جارُه، فخاف العقوبة، فهرَبَ من منزلِه، فلما مكَث ما شاء الله ولم تُصبه عقوبةٌ تناول غيره أيضًا في يوم السبت، فلمَّا لم تُصبهم العقوبةُ، كثُرَ [من تناوَل] (١) في يوم السبتِ، واتَّخذُوا يوم السبت وليلةَ السبتِ عيدًا يشربون فيه الخمورَ، ويلعبونَ فيه بالمعازِف، فقال لهم خيارهم وصُلحاؤُهم: وَيُحَكم، انتهوا عما تفعلون، إن الله مُهْلِكُكم أو مُعذِّبُكم عذابًا شديدًا، أفلا تعقلون؟ ولا تعدوا (٢) في السبتِ. فأبَوْا، فقال خيارُهم: نضرِبُ بيننَا وبينَهم (٣) حائطًا. ففعلوا، وكان إذا كان ليلةُ السبتِ تأذَّوْا بما يسمعون من أصواتِهم وأصوات المعازف، حتى إذا كانت الليلة التي مُسخوا فيها، سكنتْ أصواتهم أوّلَ الليلِ، فقال خيارُهم: ما شأنُ قومِكم قد سكنتْ أصواتهم الليلةَ؟ فقال بعضُهم: لعلّ الخمرَ غَلبتهم فناموا. فلما أصبحوا لم يسمعوا لهم حِسًّا، فقال بعضُهم لبعض:


(١) في ص، ت ١، س، ف: "ما يتناول".
(٢) في ص، ف: "تعتدوا".
(٣) في ف: "بينكم".