للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ربِّي: لئن لم تَقْبَلُوا التوراةَ بما فيها لأرمينكم بهذا الجبلِ. قال: فحدثني الحسنُ البصريُّ، قال: لما نظَرُوا إلى الجبل خرَّ كلُّ رجلٍ ساجدًا على حاجبه الأيسرِ، ونظَرَ بعينه اليمنى إلى الجبل، فَرَقًا من أن يسقطَ عليه. فلذلك ليس في الأرض يهوديٌّ يسجُدُ إلا على حاجِبِه الأيسرِ، يقولون: هذه السَّجْدة التي رفعت عنا بها العقوبة. قال أبو بكر: فلما نشَر الألواحَ فيها كتابُ اللهِ كتبه بيدِه، لم يَبْقَ على وجه الأرضِ جبلٌ ولا شجرٌ ولا حجر إلا اهتزَّ، فليس اليومَ يهوديٌّ على وجه الأرض صغيرٌ ولا كبيرٌ تُقرأُ عليه التوراة إلَّا اهتزَّ ونغَض (١) لها رأسه (٢).

واختلف أهل العلم بكلام العرب في معنى قوله: ﴿نَتَقْنَا﴾؛ فقال بعضُ البصريين (٣): معنى ﴿نَتَقْنَا﴾: رَفعْنا. واستَشهَد بقول العجَّاجِ (٤):

يَنْتُقُ أَقْتَادَ (٥) الشَّلِيلِ (٦) نَتْقا

وقال: يعنى بقوله: ينْتُقُ: يرفعُها عن ظهرِه.

وبقول الآخرِ (٧).

وَنَتَقُوا أحلامنا الأثاقِلا

وقد حُكى عن قائل هذه المقالة قولٌ آخرُ، وهو أن أصل النَّتْقِ والنُّتُوقِ،


(١) في س: "نفض"، وفى ف: "نقص"، وغير منقوطة في ص، والنغض والنفض بمعنى التحريك. ينظر اللسان (ن غ ض، ن ف ض).
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ٣/ ٤٩٩ عن سنيد بن داود به.
(٣) هو أبو عبيدة في مجاز القرآن ١/ ٢٣٢.
(٤) ديوانه ص ٧٢.
(٥) في الديوان: "رحلى". والأقتاد، جمع قَتَد، وهو خشب الرحل، وقيل: من أدوات الرحل، وقيل: جميع أداته. اللسان (ق ت د).
(٦) الشليل: مسح من صوف أو شعر يجعل على عجز البعير من وراء الرحل. اللسان (ش ل ل).
(٧) هو رؤبة بن العجاج، والبيت في ديوانه ص ١٢٢.